وَإِنْ خِفْتُمْ ايّها الحكّام شِقاقَ يعنى العداوة والخلاف لان كلا من الأعداء يفعل ما يشق على صاحبه او يميل الى شق اخر غير شق مختار لصاحبه بَيْنِهِما اى بين الزوجين، او رد ضميرهما من غير سبق المرجع لجريان ذكر ما يدل عليهما وهو النشوز لانه عصيان المرأة عن مطاوعة الزوج او يقال ذكر المرأة وضمير الزوج فى قوله تعالى وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ وأضيف الشقاق الى الظرف مجازا كما فى قوله تعالى مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ والخوف بمعنى الظنّ يعنى إذا ظهر من الزوجين ما ظننتم به تباغضهما واشتبه حالهما فى الحق والباطل فَابْعَثُوا الى الرجل حَكَماً يعنى رجلا عاقلا عادلا يصلح للحكومة مِنْ أَهْلِهِ وَابعثوا الى المرأة رجلا اخر حَكَماً مِنْ أَهْلِها وانما قيد بكون الحكمين من أهلهما لان الأقارب اعرف ببواطن الأحوال واطلب للصلاح وهذا القيد استحبابى ولو بعثوا أجنبيين جاز فيبحث الحكمان عن أحوالهما ويعرفان الظالم منهما فان كان الظلم من الزوج امراه بامساك بمعروف او تسريح بإحسان وان كان النشوز منها امراها باطاعة الزوج او الافتداء روى البغوي بسنده من طريق الشافعي عن عبيدة انه قال فى هذه الاية انه جاء رجل وامراة الى على بن ابى طالب رضى الله عنه ومع كل واحد منهما قيام من الناس فامرهم علىّ فبعثوا «١» حكما من اهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين تدريان ما عليكما، عليكما ان رايتما ان تجمعا تجمعا وان رايتما ان تفرّقا تفرقا قالت المرأة رضيت بكتاب الله بما علىّ فيه ولى وقال الرجل اما الفرقة فلا فقال على كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به فقال مالك يجوز لحكم الزوج ان يطلق المرأة بدون رضاء الزوج ولحكم المرأة ان يختلع بدون رضاء المرأة ويجب عليها المال إذا راى الصلاح فى ذلك حيث ملّك علىّ الحكمين الجمع والتفريق وكذّب الزوج على نفى الفرقة وعند جمهور العلماء ليس للحكمين ذلك بل ان كان الزوجان وكلهما بالتطليق والخلع فعلا ذلك والا أصلحا بينهما بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ما أمكن والا شهدا عند الحاكم بظلم أحد الزوجين فجبر الحاكم الظالم منهما اما الزوج على إمساك بمعروف او تسريح بإحسان وامّا الزوجة على ترك النشوز أو الافتداء وقول على للرجل حتى تقر دليل على انّ رضاه شرط للفرقة فما لم يؤكله المطلاق ويفوض امره اليه لا ينفذ طلاقه إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما الضمير الاول
(١) عن ابن عباس بعثت انا ومعاوية حكمين فقيل لنا ان رأيتما ان تجمعا جمعتما وان رايتما ان تفرقا فرقتما والذي بعثهما عثمان رضى الله عنه منه رحمه الله،