وقال جماعة الموصوفون بذلك المشركون قال الحسن وابن زيد حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين عند نزول الموت بهم اقامة للحجة عليهم قالت لهم الملائكة ماذا قال ربّكم على لسان رسله فى الدنيا قالوا الحقّ فاقرّوا حين لا ينفعهم الإقرار قلت وعلى هذا التأويل هذه الاية مرتبطة بقوله تعالى هو منها فى شكّ يعنى هم فى شك الى الموت حتّى إذا فزّع عن قلوبهم بعد الموت أقروا حين لا ينفعهم الإقرار-.
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ المطر مِنَ السَّماواتِ وَالنبات من الْأَرْضِ استفهام تقرير اى حمل المخاطب على الإقرار بان الله يرزق لا غير وفيه تأكيد لقوله لا يملكون وهذه الجملة متصلة بقوله قل ادعوا قُلِ اللَّهُ فاعل لفعل محذوف اى يرزقكم الله إذ لا جواب سواه وفيه اشعار بانهم ان سكتوا وتوقفوا فى الجواب مخافة الإلزام فهم مقرّون بقلوبهم ذلك وَإِنَّا اى الموحدين أَوْ إِيَّاكُمْ اى المشركين بالله لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٤) إذ التّوحيد نفى الاشتراك فهو نقيضه والضلال نفى البداية فهو نقيضه وارتفاع النقيضين وكذا اجتماعهما محال فهذه قضية منفصلة حقيقية عنادية والمفهوم مما سبق ان الله يرزق لا غير وهو يستلزم ان الموحد على هدى والمشرك فى ضلال مبين فانعقد القياس الاستثنائى بان الموحدين اما على الهدى او فى ضلال مبين لعدم الواسطة لكنهم على الهدى إذ لا يرزق الا الله فليسوا فى ضلال او لكنهم ليسوا على ضلال فهم على الهدى او يقال المشركون اما على الهدى او فى ضلال مبين لعدم الواسطة لكنهم ليسوا على هدى فهم فى ضلال او لكنهم فى ضلال او لا يرزق الا الله فليسوا على هدى فليس هذا الكلام مبنيا على الشك بل على حصر الاحتمالات وابطال احدى النقيضين لاثبات الاخر او اثبات أحدهما لابطال الاخر كما هو دأب المناظرة وخولف بين حرفى الجر الداخلين على الهدى والضلال لان صاحب المهدى كأنّه مستعل على فرس جواد يركضه حيث شاء وصاحب الضلال كانه منغمس فى ظلام لا يدرى اين يتوجه..