فى مدة احتباس الوحى عنه اختلاف فقال ابن جريج اثنى عشر يوما وقال مقاتل أربعون يوما فقال المشركون ان محمدا ودعه ربه وقلاه فانزل الله تعالى هذه السورة كذا اخرج ابن مردوية عن ابن عباس فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبرئيل ما جئت اشتقت إليك فقال جبرئيل انى كنت أشد شوقا إليك ولكنى عبد مامور بما انزل الله وما نتنزل الا بامر ربك قوله تعالى والضحى قبل أريد به النهار كله بدليل مقابلة الليل نظيره قوله تعالى ان يأتيهم بأسنا ضحى يعنى نهارا وقال قتادة ومقاتل يعنى وقت الضحى وهى الساعة التي فيها ارتفاع الشمس قيل خص ذلك الوقت لانها الساعة التي كلم فيها موسى عليه السلام والقى فيها السحرة سجدة وهى الساعة يعدل فيها النهار فى الحر والبرد فى الصيف والشتاء والليل إذا سجى الظرف اما متعلق بفعل القسم او بمضاف مقدر على الليل اى وحصول الليل إذا سجى او صفة الليل بتقدير المضاف وإذا بمعنى الوقت منسلخا عن معنى الظرفية بدل من الليل مقسم به قال الحسن اقبل بظلام وهى رواية العوفى عن ابن عباس وقال الوالبي إذا ذهب وقال عطاء والضحاك غطى كل شىء بالظلمة وقال مجاهد استوى وقال قتادة وابن سكن استقر ظلامه فلا يزداد بعد ذلك او المراد سكن الناس فيه والأصوات يقال ليل ساج وبحر ساج إذا كان ساكنا وتقديم الليل فى السورة السابقة باعتبار الأصل وتقديم الضحى هاهنا للشرف وجواب القسم قوله تعالى ما وَدَّعَكَ اى ما تركك وقطع عنك قطع مودع ربّك وما قلى وما أبغضك حذف الضمير المنصوب اكتفاء بما سبق اختصار او رعاية للفواصل اخرج الطبراني فى الأوسط بإسناد حسن عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض على ما هو مفتوح لامتى بعدي فسرنى فانزل الله تعالى.
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ط يجوز ان يكون هذه الاية متصلا بما سبق ووجه اتصاله ان قوله تعالى ما ودعك ربك وما قلى يتضمن ان الله مواصلك بالوحى إليك وانك حبيب الله ولا يكون كرامته أعظم ذلك فاخبره بأن حاله فى الدار الاخرة خير له وأعظم من ذلك لتقدمه على الأنبياء واختصاصه بالمقام المحمود الذي يغبطه الأولون والآخرون وشهادة أمته على الأمم وقد ذكرنا بعد ما يختص به النبي صلى الله عليه وسلم فى الاخرة من الفضائل