للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى خلقه بهذا المعنى غير مرضى عندى وقالت الصوفية العلية بل الله سبحانه اقرب الى المخلوقات من أنفسها قربا ذاتيا لا زمانيا ولا مكانيا ولا متكيّفا بكيفية أصلا- يدرك ذلك القرب بنور الفراسة لا بالمشاعر او الاستدلال وغاية ما يقال فى هذا المقام ان العالم من حيث انه محتاج فى الوجود والبقاء الى الواجب يشبه نسبته الى الواجب بنسبة الظل الى الأصل فان الظل لا وجود له ولا بقاء الا بوجود أصله فالاصل اقرب الى الظل من نفسه والواجب اقرب الى الممكن من نفسه بالذات الا ترى ان الممكن ما لم ينتسب الى الواجب لم يجب بالغير وما لم يجب لم يوجد وما لم يوجد لا يجوز حمله على نفسه حملا أوليا غلا يقال زيد ما لم يوجد يجوز حينئذ سلبه عن نفسه إذ يشترط وجود الموضوع للحمل الإيجابي وان كان حملا أوليا فوجود الممكن اقرب الى ذات الممكن من ذاته لجواز سلب الشيء عن نفسه ما لم يوجد والمراد بالوجود هاهنا ما به الموجودية لا المعنى المصدرية فذات الله سبحانه اقرب الى الممكن من ذاته فهو ابعد فى الوجدان واقرب بالذات ولما كانت الصوفية ينسبون العالم الى دائرة الظلال والظلال الى الصفات والصفات الى الذات وفى الظلال مراتب كثيرة كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام ان لله سبعون الف حجاب من نور وظلمة لو كشفت لا حرقت صبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه وكذا فى الصفات قال الله تعالى ولو ان ما فى الأرض من شحرة أقلام والبحر يمده من بعده لسبعة أبحر ما نفدت كلمات الله وقال الله تعالى ما عندكم ينفد وما عند الله باق فنبأ على هذا- قال المجدد قدس سره العزيز انه سبحانه وراء الوراء ثم وراء الوراء ثم وراء الوراء فى جهته القرب دون البعد يعنى ظلال الصفات اقرب الى الممكن من الممكن وصفات الله تعالى اقرب الى الممكن من ذاته ومن الظلال والله سبحانه اقرب الى الممكن من ذاته ومن الظلال ومن الصفات والله تعالى اعلم (فائدة) هذا النوع من القرب المستفاد من هذه الاية يعم الخلائق كلها حتى الكافرين ولله سبحانه بخواص عباده قرب اخر لا يشارك النوع الاول من القرب الا اشتراكا اسميا لا حقيقيا وذلك القرب ايضا يدرك بالفراسة الصحيحة ويستفاد من الكتاب والسنة قال الله تعالى واسجد واقترب وقال الله تعالى الله معنا ان معى ربى عند ذى العرش مكين عند مليك مقتدر وفى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى ونحو ذلك

وقال عليه الصلاة والسلام لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل ونحو ذلك وهذا القرب يسمى بالولاية ولها مراتب لا تعدو لا نحصى ولا يدل عليه كلمة لا يزال ويضاده البعد المختص بالكفار قال الله تعالى الا بعد العاد قوم هود الا بعد الثمود الا بعدا للقوم الظالمين-.

إِذْ يَتَلَقَّى اى يأخذ الملكان الْمُتَلَقِّيانِ الموكلان بالإنسان ومفعول يتلقى محذوف مراد يعنى يتلقى عمله ومنطقه

<<  <  ج: ص:  >  >>