بينهما للفصل- وقيل ما بمعنى من كما فى قوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ اى من طاب لكم- والمعنى والله لَيُوَفِّيَنَّهُمْ او والله لمن ليوفينهم رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ اى جزاء أعمالهم- ومن قراها بالتشديد فاصله لمن ما- فقلبت النون ميما للادغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت اولا عن- والمعنى لمن ليوفيهم وما مزيدة- وقيل انه من لممت لمّا اى جمعته- ثم وقف على الالف عوض التنوين فصار لمّا- ثم اجرى الوصل مجرى الوقف- وجاز ان يكون مثل الدعوى والبشرى وغيرها من المصادر الّتي فيها الف التأنيث- وقرا الزهري وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا بالتنوين وهو يؤيد هذا القول- والمعنى وان كلا جميعا- وقال صاحب الإيجاز لما فيه معنى الظرف وفى الكلام اختصار تقديره وان كلا لما بعثوا ليوفينهم إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ من خير او شر خَبِيرٌ (١١١) فلا يفوت منه شيء وان خفى-
فَاسْتَقِمْ استقامة كَما أُمِرْتَ اى مثل استقامة أمرت بها وَمَنْ تابَ مَعَكَ من الشرك وأمن عطف على المستكن فى استقم وان لم يؤكد بمنفصل لقيام الفاصل مقامه- لمّا بين الله سبحانه امر المختلفين فى التوحيد والنبوة- واطنب فى شرح الوعد والوعيد- امر رسوله ومن تبعه بالاستقامة مثل ما امر بها- وهى شاملة للاستقامة فى العقائد كالتوسط بين التشبيه والتعطيل- والجبر والاختيار وغير ذلك- والأعمال من تبليغ الوحى وبيان الشرائع كما انزل- والقيام بوظائف العبادات من غير تفريط وافراط مفوت للحقوق ونحوها- عن سفيان ابن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله قل لى فى الإسلام قولا لا اسئل عنه أحدا بعدك وفى رواية غيرك قال قل امنت بالله ثم استقم رواه مسلم- فالاستقامة لفظ جامع قال عمر بن الخطاب الاستقامة ان تستقيم على الأمر والنهى ولا تروغ روغان الثعلب يعنى لا تميل عن الطريق المستقيم ميلا أصلا- وهى فى غاية العسر ولذلك قالت الصوفية الاستقامة فوق الكرامة قال البغوي قال ابن عباس رضى الله عنهما ما نزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اية هى أشد عليه من هذه الاية ولذلك قال شيّبتنى سورة هود- قلت قول ابن عباس يدل على ان اشتداد هذه السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى شيّبته- انما كان لاجل هذه الاية الآمرة بالاستقامة- فانه صلى الله عليه وسلم وان كان نفسه الشريفة مجبولة على الاستقامة مخلوقة على خلق عظيم- لكنها شاقة على من تبعه فلذلك شيّبته شفقة على أمته- والظاهر عندى