للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهى في اللفظ لابليس وفي المعنى نهى لهما ان يتبعاه اى لاتتبعاه فيتسبب إبليس لاخراجكما من الجنة حيث يخرجكما الله تعالى منها بسبب اتباعه وعصيان ربكم- والفاء للسببية إذ العداوة سبب لعدم للاتباع المنهي عنه معنى فَتَشْقى (١١٧) منصوب بعدا الفاء في جواب النهى اى فتتعب وتنصب ويكون عيشك في كدّ يمينك وعرق جبينك يعنى الحرث والذرع والحصد والطحن والخبز قال البغوي روى عن سعيد ابن جبير انه اهبط الى آدم ثور احمر فكان يحرث عليه ويمسح العرق عرجبينه فذلك شقاؤه وافراد الضمير بعد اشراكها في الخروج محافظة للرؤس الاى واكتفاء باستلزام شقائه شقاءها من حيث انه قيم عليها او لان المراد بالشقاء التعب في طلب المعاش وذلك وظيفة الرجال ويؤيد قوله تعالى.

إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها اى في الجنة وَلا تَعْرى (١١٨) .

وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا اى لا تعطش فِيها وَلا تَضْحى (١١٩) اى لا تبرز للشمس فيوذيك- قال عكرمة لا يصيبك والشمس وأذاها لانه ليس في الجنة شمس وأهلها في ظل ممدود- فانه بيان وتذكر لما له في الجنة من اسباب الكفاية واقطاب الكفاف الّتي هى الشبع والري والكسوة والكنّ مستغنيا عن اكتسابها والسعى في تحصيل اعراضها قرأ نافع وابو عمرو انك بكسر الهمزة عطفا على ان لك والباقون بفتح الهمزة عطفا على ان لا تجوع- والعاطف وان ناب عن انّ لكنه ناب من حيث انه حرف عامل لا من حيث انه حرف تحقيق فلا يمتنع دخوله على انّ كما امتنع دخول انّ عليه- او يقال لا يجوز دخول انّ على انّ من غير فصل واما مع الفصل كما في هذه الاية فيجوز يقال انّ في علمى انك قائم وانما عظامك علىّ واجب-.

فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ فانهى اليه وسوسته قالَ يا آدَمُ بيان للوسوسة هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ اى الشجرة الّتي من أكل منها خلد ولم يمت أصلا- أضافها الى الخلد وهو الخلود لكونه سببه يزعمه وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١٢٠) اى لا يزول ولا يضعف.

فَأَكَلا يعنى آدم وحواء منها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما اى أخذ يلزقان على سوء آلتهما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ للتستر وهو ورق التين وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بأكل الشجرة فَغَوى (١٢١) يعنى ضل عن المطلوب وأخطأ طريق الحق وخاب حيث طلب الخلد بأكل الشجرة الّتي هى سبب لضده او عن المأمور به او عن الرشد حيث اغتر بقول العدوّ- وقال ابن الاعرابى اى فسد عليه عيت فار من العزّ

<<  <  ج: ص:  >  >>