مصدر فعل محذوف موكد بجملة وقعت قبله كما ذكرنا فى قوله تعالى جزاء وفاقا عَطاءً مصدر كذلك اى يجزون جزاءا ويعطون عطاء حِساباً صفة لعطاء بمعنى كافيا وافيا من أحسبت فلانا اى أعطيته ما يكفيه حتى قال حسبى قال ابن عتبة عطاء حسابا اى كثيرا فعلى هذا يكون تأكيدا لنفسه من قبيل الله اكبر دعوة الحق وله على الف اعترافا وقيل حسابا معناه على حسب الأعمال وقدرها فى القاموس هذا بحسبه اى بعدده وعلى هذا يستقيم المقابلة بما سبق جزاء وفاقا يعنى الطاغون يجزون جزاء موافقا لاعمالهم وأباطيلهم والمتقون يجزون جزاء على حسب أعمالهم وقدرها قلت بل على حسب مشية الله تعالى وفضله لقوله تعالى كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مأته حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ط وعلى حسب اخلاص العالمين ومراتب قربهم فان المقربين يعطون الاجر على القليل من العمل لا يعطى الأبرار على الكثير لما روى الشيخان فى الصحيحين عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تسبوا أصحابي فلو ان أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وهذا التفاوت فيما بين المقربين على تفاوت درجات قربهم قال المجدد رضى الله عنه الصحابة كانوا كلهم مستغرقين فى التجليات الذاتية الدائمة بكمالات النبوة وكثيرا من التابعين وقليل من اتباعهم كانوا كذلك وهم المقربون وبعد القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير انطفت أنوار تلك الدولة العظمى ودرست اثارها ثم بعد مضى الف سنة من الهجرة خلق الله سبحانه بعض الكرام وأعطاهم كمالات مثل كمالات الأولين كما نطق به الصادق المصدوق صلى الله عليه واله وسلم مثل أمتي كمثل المطر لا يدرى اوله خير أم آخره رواه الترمذي عن انس شبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اخر هذه الامة باوله بحيث لا يدرى ايها خير من الاخر وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبشروا ابشروا ان مثل أمتي مثل الغيث لا يدرى آخره خير أم اوله او كحديقة اطعم منها فوج عاما وفوج عاما لعل آخرها أفواجا يكون اعرضهم عرضا واعمقهم عمقا وأحسنهم حسنات الحديث رواه البيهقي ورواه رزين وعن صحابى بهم سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - انه يقول سيكون فى اخر هذه الامة قوم لهم اجر مثل اجرا ولهم رواه البيهقي فى دلائل النبوة وعلى هذا التأويل يكون قوله تعالى جزاء من ربك عطاء حسابا تأكيد الغيرة كما ذكرت فى جزاء وفاقا والله تعالى اعلم.