لا محل لهما من الاعراب تقريره من وجهين أحدهما ان ما يسمع محمّد صلى الله عليه وسلم منه كلام أعجمي لا يفهمه هو ولا أنتم والقران عربى يفهمونه فكيف يكون هذا ذك- وثانيهما ان معنى القران كما هو معجز فلفظه ايضا معجز فالقران وان كان مطابقا لما كان الرجل الأعجمي يقراه من التورية والإنجيل فى المعنى لكن تعبير تلك المعاني المنزلة فى الكتب بعبارة مثل عبارة القران ليس فى وسع البشر لما ظهر عجزهم بالتحدي بقوله فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ على ان تعلم العلوم الكثيرة المطوية فى الكتب السماوية لا يتصور الا بملازمة معلم فائق فى تلك العلوم مدة متطاولة فكيف يتصور تعلم جميع ذلك من رجل سمع منه فى بعض اوقات مروره عليه بلسان أعجمي لا يفهم معناه-.
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لا يصدّقون انها من عند الله لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ لا يرشدهم الى الحق او الى سبيل النجاة او الى الجنة وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) فى الاخرة ثم رد امر الافتراء على الكفار بعد مارد طعنهم وشبهتهم بأحسن الوجوه فقال.
إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ لانهم لا يخافون عقابا حتّى يردعهم عنه بخلاف المؤمنين وَأُولئِكَ اشارة الى الكفار او الى قريش هُمُ الْكاذِبُونَ (١٠٥) اى الكاذبون على الحقيقة لا غيرهم فان المؤمنين حينئذ كلهم كانوا صدوقا عادلين خير القرون- او الكاملون فى الكذب لان تكذيب آيات الله ورسوله المعصوم والطعن فيهما بهذه الخرافات بعد ما ظهر امره بالمعجزات أعظم الكذب- او الذين عادتهم الكذب لا يصرفهم عنه دين ولا مروة- او الكاذبون فى قولهم إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ ... إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ- الجملة الفعلية تدل على انحصار صدور الافتراء عليهم والاسمية على كونها وصفا لازما لهم- روى البغوي بسنده عن عبد الله بن حراد قال قلت يا رسول الله المؤمن يزنى قال قد يكون ذلك قلت المؤمن يسرق قال قد يكون ذلك قلت المؤمن يكذب قال لا قال الله إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ- وروى احمد عن ابى امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطبع المؤمن على الخلال كلها الا الخيانة والكذب- ورواه البيهقي فى شعب الايمان عن سعد بن ابى وقاص- وروى مالك