كتب الى ابى بكر انه وجد رجلا فى بعض نواحى العرب ينكح كما تنكح المرأة فجمع ابو بكر الصحابة فسالهم فكان أشدهم فى ذلك قولا على قال هذا ذنب لم يعص به الّا امة واحدة صنع الله به ما علمتم نرى ان نحرقه بالنار فاجتمع رأى الصحابة على ذلك وروى ابن ابى شيبة فى مصنفه والبيهقي عن ابن عباس قال ينظرا على بناء فى القرية فيرمى منه منكوسا ثم يتبع بالحجارة وكان مأخذ هذا القول ان قوم لوط اهلكوا بذلك حيث حملت قراهم ونكست بهم ولا شك فى اتباع الهديم بهم وهم نازلون وذكر عن ابن الزبير يحبسان فى أنتن المواضع حتى يموتا وروى البيهقي عن على من طرق انه رجم لوطيا ويجمع هذه الأقوال وحديث ابن عباس المرفوع وما فى معناه ان الرجل إذا اعتاد باللواطة وتكرر منه الفعل ولم ينزجر بالتعزير يقتل باىّ وجه كان ويدل على التكرار والاعتياد لفظ المرفوع من وجدتم يعمل عمل قوم لوط ولم يقل من عمل عمل قوم لوط وبه قال ابو حنيفة والله اعلم، فَإِنْ تابا عن الفاحشة وَأَصْلَحا العمل فيما بعد فَأَعْرِضُوا عَنْهُما فاقطعوا عنهما الإيذاء إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً التوبة فى الأصل بمعنى الرجوع فهى من العبد الرجوع عن المعصية ومن الله تعالى الرجوع عن ارادة العذاب او هو من الله تعالى بمعنى قبول التوبة او توفيق التوبة رَحِيماً (١٦) يرحم التائبين.
إِنَّمَا التَّوْبَةُ اى الرجوع عن ارادة العذاب بالمغفرة او قبول التوبة عَلَى اللَّهِ اى كالمتحتم عليه بمقتضى وعده لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ متلبسين «١» بِجَهالَةٍ قال البغوي قال قتادة اجمع اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان كل معصية جهالة عمدا كان اولم يكن وكل من عصى الله فهو جاهل وكذا اخرج ابن جرير عن ابى العالية وقال الكلبي لم يجهل انه ذنب لكنه جهل عقوبته وقيل معنى الجهالة اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية قلت معنى الجهالة ذهوله عن عذاب الله عند ثوران النفس وغلبة الشهوة البهيمية او السبعية ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ من للتبعيض اى يتوبون فى اىّ جزء من الزمان القريب قيل معنى القريب قبل ان يحيط السوء بحسناته فحبطها وقيل قبل ان يشرب فى قلوبهم حبّه، فيطبع عليها ويرين السوء على قلبه وقال السدى والكلبي القريب ان يتوب فى صحته قبل مرض موته والصحيح ان المراد به فى حياته قبل حضور الموت