مجتمعين لانه اهيب في صدور الرائين كذا قال مقاتل والكلبي- نظيره ما قال الله تعالى انّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّا كانّهم بنيان مرصوص- وصفّا على هذا حال من فاعل ايتوا- وقال ابن عبيدة الصف المجمع ويسمى المصلى صفّا فالمعنى ثم أتوا المكان الموعود وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤) اى فاز بالمطلوب من غلب وهو اعتراض-.
قالُوا اى السحرة بعد ما آتوا الموعد مراعاة للادب- او استعظاما لكيدهم ووثوقهم بالغلبة في كلا التقديرين يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ عصاك اولا وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (٦٥) ان مع ما بعدها في الموضعين منصوب بفعل مضمر- او مرفوع على انه خبر مبتدا محذوف تقديره اختراعا القاءك اولا واما كوننا أول من القى. او الأمر الّذي حان حينه اما القاؤك اولا واما كوننا أول الملقين.
قالَ موسى بَلْ أَلْقُوا أنتم او لا مقابلة للادب الأدب وعدم مبالاة بسحرهم واسعانا الى ما او هموا من الميل الى الله بذكر الاول صريحا في شقهم. وتغير النظم الى وجد ابلغ. ولان يبزروا ما معهم او يستنفذوا أقصى وسعهم. ثم يظهر سلطانه فيقذف بالحق على الباطل فيدمغه فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ أصله عصور قلبت الواو ان يائين وكسرت العين والصاد وفي الكلام حذف تقديره فالقوا حبالهم وعصيّهم فاذا حبالهم إلخ وإذا ظرف زمان للمفاجأة منصوب بفعل المفاجاة مضاف الى جملة اسمية وحبالهم مع ما عطف عليه مبتداء وما بعده خبره. والعائد اما ضمير يخيل او ضميرانها. والجملة ابتدائية والمعنى فالقوا ففاجأ موسى وقتا حبالهم وعصيهم فيها يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ قرأ ابن ذكوان ليخيل بالتاء على ان الضمير المرفوع راجع الى الحبال والعصى وقوله أَنَّها تَسْعى (٦٦) بدل اشتمال من الضمير المرفوع المستكن فيه وقرأ الباقون يخيل بالياء وعلى هذا انها تسعى مفعول قائم مقام الفاعل ليخيل- وفي القصة انهم لمّا القنو الحبال والعصى أخذوا أعين الناس. فرأى موسى والقوم بسحرهم كانّ الأرض امتلان حيات تسعى. وكانت أخذت ميلا من كل جانب.
فَأَوْجَسَ اى احسن وأضمر فِي نَفْسِهِ خِيفَةً التنكير للتقليل اى خوفا قليلا مُوسى (٦٧) الوجس في الأصل الصوت الخفي وفي القاموس الوجس الفزع يقع في القلب او السمع من صوت او غيره- يعنى خاف موسى حينئذ خوفا مضمرا- قيل خاف من طبع البشرية ظنّا منه انها تقصده وقال مقاتل خاف على القوم ان يلتبس عليهم الأمر فيشكوا في امره فلا يتبعوه- والجملة معطوفة على فاذا حبالهم.
قُلْنا حينئذ لموسى لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨)