للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما بعده فاعله ما تُوعَدُونَ من العذاب او الساعة أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو بفتح الياء والباقون بالسكون أَمَداً غاية وأجلا لتطول مدتها لا يعلمه الا الله والجملة الاستفهامية قائم مقام مفعولى ان أدرى.

عالِمُ الْغَيْبِ صفة ربى او خبر مبتداء محذوف اى هو عالم الغيب لا غيره فكانه تعليل لقوله لا أدرى والمراد بالغيب ما لم يوجد بعد كاخبار المعاد او العدم بعد الوجود كاخبار المبدأ والقصص الماضية التي انقطعت الرواية عنها واما ما غاب عن العباد من اسماء الله تعالى وصفاته التوقيفية التي لا يدل عليه البرهان واما ما قام عليه الدليل والبرهان كوجوده تعالى ووجوبه وتوحده وكونه متصفا بصفات الكمال منزها عن سمات النقص والزوال فليس من الغيب بل من الشهادة لشهود ما يدل عليه من العالم وكذا مسئلة حدوث العالم مثلا ليس من الغيب بل من الشهادة لمشاهدة قابلية التغير الدال على الحدوث وهذه الاقسام من الغيب لا يمكن العلم بها الا بتوفيق من الله تعالى ومن الغيب ما هو غيب بالنسبة الى بعض دون بعض كاحوال الجن واحوال بعض أشياء البعيدة غيب بالنسبة الى الانس دون الجن ومن ثم زعم الانس ان الجن يعلمون الغيب وهم لا يعلمون الا ما يشهدونه قال الله تعالى فى قصة سليمان عليه السلام فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين وكاحوال السموات بالنسبة الى اهل الأرض دون اهل السماء واحوال المشرق بالنسبة الى اهل المغرب وهذا القسم من علم الغيب قد يحصل بالوحى والإلهام وقد يحصل برفع الحجب وجعلها مثل الحجب الزجاجة روى مسلم عن ابى هريرة رض انه صلى الله عليه وآله وسلم قال لقد رايتنى فى الحجر وقريش سالنى عن مسراى فسألتنى عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله فرفعه الله الى النظر اليه ما يسألنى عن شىء الا انبأتهم وروى البيهقي عن ابى عمران عمر بعث جيشا وامر عليهم رجلا يدعى سارية فبينما عمر يخطب فجعل يصيح يا سارية الجبل وروى ابو داود عن عائشة قالت لما مات النجاشي كنا نتحدث انه لا يزال يرى على قبره نور وعند رفع الحجب لا يكون هذا من علم الغيب بل من علم الشهادة وان كان من قبيل المعجزة او الكرامة فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً من الخلق.

إِلَّا مَنِ ارْتَضى العائد الى الموصول محذوف فانه يطلع من ارتضاه أحيانا ليكون معجزة ويبشر المطيعين ومنذر العاملين مِنْ رَسُولٍ أعم من البشر والملائكة ويشتمل لفظة الرسول الأنبياء ايضا قال الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>