جماعة متفقة على جميع الفروع فى جميع الاعصار من غير نسخ وتبديل وَلكِنْ لم يشأ ذلك وجعلكم امما شتى على شرائع مختلفة لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ من الاحكام المناسبة لكل عصر وقرن اى ليعلم من يتبع حكم الله ممن ينقلب على عقبيه جمودا على دين ابائهم وقيل معناه ولو شاء الله اجتماعكم على الإسلام لاجبركم عليه ولكن لم يجبر ليبلوكم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ يعنى بادروا الى الأعمال الصالحة اغتناما للفرصة وحيازة لفضل السبق والتقدم فانه من سن سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها من غير ان ينقص من أجورهم شىء إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً استيناف فيه تعليل للاستباق ووعد ووعيد للمبادرين والمقصرين فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ بالجزاء الفاصل بين المحق والمبطل روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال قال كعب بن اسد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس اذهبوا بنا الى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فاتوه فقالوا يا محمد انك قد عرفت انا أحبار اليهود واشرافهم وساداتهم وانا ان اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا وان بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضى لنا عليهم ونؤمن لك فابى ذلك فانزل الله تعالى.
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ الى قوله يوقنون عطف على الكتاب اى أنزلنا إليك الكتاب وأنزلنا إليك الحكم او على الحق اى أنزلناه بالحق وبان احكم وجاز ان يكون جملة بتقدير وأمرنا ان احكم بينهم بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عطف على احكم وكذا وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ اى ان يضلوك ويصرفوك وان مع صلته بدل اشتمال من الضمير المنصوب يعنى احذر فتنتهم او مفعول له يعنى احذرهم مخافة ان يفتنوك او لئلا يفتنوك عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا عن الحكم المنزل وأرادوا غيره فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ اى يعجل لهم الله العقوبة فى الدنيا ببعض ذنوبهم هاهنا وضع المظهر موضع المضمر والمعنى يريد الله ان يصيبهم به اى بذلك التولي فى الدنيا وهذا الإبهام لتعظيم التولي والتنبيه على ان لهم ذنوب كثيرة واحدها هذا وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ يعنى من اليهود لَفاسِقُونَ المتمردون المعتدون فى الكفر.
أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ قرأ ابن عامر بالتاء الفوقانية على الخطاب والباقون بالتحتانية على الغيبة والمراد بالجاهلية الملة الجاهلية وهى متابعة الهوى