علوية عظيمة منيرة غير صالحة للالوهية لكونها محلا لتغيرات محدثة محتاجة الى محدث يحدثها ويخصصها بما يختص به فالاصنام وغيرها من الاجرام السفلية اولى ان لا تتخذ الها وهذا يعنى مخاطبة القوم والتبري عما يعبدونه بعد تمام الحجة دليل واضح على ان هذا الكلام من ابراهيم عليه السّلام لم يكن الا لالزام الخصوم لا لطلب تحقيق لم يكن حاصلا له ولما تبرأ عن الالهة الباطلة ارشدهم الى وجود الإله الحق الذي دلت عليه الممكنات بأسرها فقال.
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ قرأ نافع وابن عامر وحفص بفتح الياء والباقون بالإسكان لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وما فيها وَالْأَرْضَ وما فيها يعنى الذي دلت على وجوده ووجوبه هذه الموجودات التي لا تقتضى ذواتها وجوداتها المحتاجة الى من يخرجها من العدم الى الوجود حَنِيفاً حال من فاعل وجهت يعنى مائلا من الأديان كلها الى الإسلام وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بالله شيئا من خلقه.
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ فى توحيد الله ونفى الشركاء عنه يعنى قاموا بالمجادلة لما عجزوا وبهتوا فى مقابلة الاستدلال الصحيح وقالوا احذر الهتنا ان تمسك بسوء واحذر نمرود ان يقتلك او يحرقك قالَ ابراهيم أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ بعد تمام الاستدلال على وجوده وتوحيده وَقَدْ هَدانِ اثبت الياء فى الوصل ابو عمرو حذف الباقون يعنى هدانى الله الى الحق واقامة الحجة مع كونى صغيرا اميا وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ تعالى من الممكنات سواء كان من الفلكيات كالشمس والقمر والكواكب او من العنصريات من ذوى العقول كنمرود او من الجمادات كالاصنام فان كلها مثلى فى عدم الاقتدار على النفع والضرر الا باقتدار الله تعالى او أعجز منى روى ان ابراهيم لما خرج من السرب وصار بحال سقط عنه طمع الذباحين وضمه آزر الى نفسه جعل آزر يصنع الأصنام ويعطيها ابراهيم ليبيعها فيذهب بها ابراهيم وينادى من يشترى ما يضره ولا ينفعه فلا يشتريها أحد فاذا بات عليه ذهب بها الى نهر فصوب فيه راسه وقال اشربى استهزاء بقومه إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً يعنى لا يستطيع ما تشركون بالله اضرارى فى وقت من الأوقات الا وقت ان يشاء ربى شيئا من الإضرار وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً كانه علة للاستثناء يعنى لا يبعد ان يكون فى علمه ان يصيبنى مكروه من جهة بعض عباده بمشيته وخلقه وأقداره على الكسب أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ فتميّزوا بين العاجز على الإطلاق كالاصنام وبين العاجز فى نفسه