بَشِيراً لاولياء الله وَنَذِيراً لاعدائه فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن تدبره وقبوله عطف على فصلت فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) اى لا يستمعون تعنتا وعنادا او لا يقبلون يقال شفعت الى فلان فلم يسمع قولى يعنى لم يقبل والجملة بيان للاعراض. «١» .
وَقالُوا يعنى مشركى مكة عطف على اعراض قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ اغطية جمع كنان مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ من التوحيد فلا نفقه ما تقول وَفِي آذانِنا وَقْرٌ ثقل وصمم لا نسمع ما تقول والمعنى انا فى ترك القبول عنك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ خلاف فى الدين يمنعنا عن التواصل وللدلالة على ان الحجاب مبتدا منهم ومنه بحيث استوعب المسافة المتوسطة ولم يبق فراغ أصلا- وهذه تمثيلات لامتناع القبول والمواصلة والمعنى انا فى ترك القبول والتواصل منك بمنزلة من بينهما حاجز قوى فَاعْمَلْ على دينك او فى ابطال أمرنا إِنَّنا عامِلُونَ (٥) على ديننا او فى ابطال أمرك.
قُلْ يا محمد فى جوابهم إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ قال الحسن علمه الله التواضع يعنى ما انا الا واحد منكم لولا الوحى لم يكن عندى من العلم ما ترونه ولكن اوحى الىّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فعليكم باصغائه وتلقيه او المعنى لست بملك ولا جنى لا يمكنكم التلقي منه ولا أدعوكم الى ما يابى عنه العقول بل أدعوكم الى التوحيد الذي يدل عليه العقل
(١) عن عمر بن الخطاب قال اقبل قريش الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما يمنعكم من الإسلام فتسور والعرب قالوا يا محمد ما نفقه ما تقول ولا نسمعه وان على قلوبنا لغلفا وأخذ ابو جهل ثوبا جما بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا محمد قلوبنا فى اكنة ممّا تدعونا اليه وفى اذننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أدعوكم الى خصلتين ان تشهدوا ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وانى رسول الله فلما سمعوا شهادة ان لا اله الا الله ولّوا على ادبارهم نفورا وقالوا اجعل الالهة الها واحدا انّ هذا الشيء عجاب وقال بعضهم لبعض امشوا واصبروا على الهتكم انّ هذا لشئ يراد ما سمعنا بهذا فى الملّة الاخرة ان هذا الّا اختلاق أنزل عليه الذّكر من بيننا وهبط جبرئيل فقال يا محمد ان الله يقرأك السلام اليس يزعم هؤلاء ان على قلوبهم أكنّة ان يفقهوه وفى آذانهم وقرا فليس يسمعون قولك كيف وإذا ذكرت ربّك فى القران وحده ولّوا على ادبارهم نفورا لو كان كما زعموا لم ينفروا ولكنهم كاذبون يسمعون ولا ينتفعون بذلك كراهة له- فلما كان من الغد أقبل منهم سبعون رجلا الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد اعرض عليهم الإسلام اسلموا من آخرهم فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الحمد لله بالأمس تزعمون ان قلوبكم فى اكنة مما ندعوكم اليه وفى اذنكم وقر أصبحتم اليوم مسلمين فقالوا يا رسول الله كذبنا بالأمس لو كان كذلك ما اهتدينا ابدا ولكن الله الصادق والعباد كاذبون عليه وهو الغنى ونحن الفقراء اليه ١٢ منه برد الله مضجعه-