وَلَوْ ثبت أَنَّهُمْ قالُوا سرّا وعلانية سَمِعْنا وَأَطَعْنا مكان قولهم سمعنا وعصينا وَاسْمَعْ بغير الحاق غير مسمع وَانْظُرْنا مكان راعنا لَكانَ قولهم ذلك خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ اى اعدل وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ اى خذلهم وابعدهم عن الهدى بِكُفْرِهِمْ اى بسبب كفرهم فذلك اللعنة موجب لعدم توفيقهم الى ما هو خير لهم واعدل فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (٤٦) منصوب على المصدرية او على الظرفية يعنى الّا ايمانا قليلا وتصديقا لا يعبا به شرعا- وذلك الايمان ببعض الكتب وبعض الرسل او الايمان فى الظاهر بالنفاق ويجوزان يراد بالقلة العدم وقيل معناه الا قليلا منهم كعبد الله بن سلام ويتجه عليه ان نصب المستثنى فى الكلام المنفي غير مختار عند النحاة وان جوّزه ابن الحاجب مع ان القراء متفقون على النصب وايضا لا بدّ حينئذ حمل قوله تعالى لعنهم على لعن أكثرهم وقال التفتازانيّ هو استثناء من قوله تعالى لَعَنَهُمُ اللَّهُ والله اعلم- اخرج ابن إسحاق عن ابن عباس قال كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسيد فقال لهم يا معشر يهود اتقوا الله واسلموا فو الله انكم لتعلمون ان الذي جئتكم به لحق فقالوا ما نعرف ذلك يا محمد وأصروا على الكفر فانزل الله تعالى.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ التورية آمِنُوا بِما نَزَّلْنا على محمد من القران مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ من التورية مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً التنوين عوض للمضاف اليه اى وجوهكم اصل الطمس ازالة الأثر والمعنى نمحوا اثار الوجوه من الانف والعين والفم والحاجب فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها اى نجعلها كالاقفاء وقيل نجعل الوجوه منابت الشعر كوجوه القردة لان منابت شعور الآدميين فى ادبار وجوههم قال ابن عباس نجعلها كخف البعير وقال قتادة والضحّاك نعميها والمراد بالوجه العين فان قيل قد وعدهم الله تعالى بالطمس ان لم يؤمنوا يدل على ذلك ما روى ان عبد الله بن سلام رضى الله عنه لما سمع هذه الاية جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يأتى اهله ويده على وجهه واسلم وقال يا رسول الله ما كنت ارى ان اصل إليك حتى يتحول وجهى فى قفائى وكذلك ما روى عن كعب الأحبار لما سمع هذه الاية اسلم فى زمن عمر فقال يا ربّ امنت يا رب أسلمت مخافة ان يصيبه وعيد هذه الآية ... ...