للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اخبار الرّسول صلى الله عليه وسلم المؤيد بالمعجزات وقيل قوله بل ادّرك على طريقة الاستفهام معناه هل تدارك وتتابع علمهم فى الاخرة يعنى لم يتتابع وضل وغاب علمهم به فلم يبلغوه ولم يدركوه لان فى الاستفهام ضربا من الجحد يدل هذا التأويل قراءة ابن عباس بلى بإثبات الالف المكتوب بصورة الياء ءادّرك بفتح الهمزة للاستفهام وسقوط همزة الوصل اى لم يدرك وفى قراءة أبيّ أم تدارك علمهم والعرب يضع بل موضع أم وأم موضع بل وذكر على بن عيسى وإسحاق ان بل فى بل ادّرك بمعنى لو والمعنى لو أدركوا فى الدنيا ما أدركوه فى الاخرة لم يشكوا بل هم اليوم فى شك من الساعة بَلْ هُمْ مِنْها اى من الساعة عَمُونَ جمع عمى وهو عمى القلب نفى الله عنهم علم الغيب اولا ثم أكّد ذلك بنفي شعورهم بما هو ما لهم لا محالة ثم بالغ فيه بان اضرب عنه وبيّن ان منتهى علمهم وما تكامل فيه اسباب العلم من الحجج والآيات مقصور على ان القيامة كائنة لا محالة وهم لا يعلمونها كما ينبغى ثم اضرب عنه وقال بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ منها بعد تكامل الادلة كمن يتحير فى امر لا يجد عليه دليلا فهم لا يستطيعون ازالة الشك ثم اضرب عنه وقال بل هم فى أسوأ حال منه فانهم عمون لا يدركون دليلهم لاختلال بصيرتهم وهذا او ان اختص بالمشركين فمن فى السموات والأرض نسب الى جميعهم كما يسند فعل البعض الى الكل وقيل الاضراب الاول عن نفى الشعور بوقت القيامة عنهم بوضعهم باستحكام علمهم فى امر الاخرة تهكما وقيل أدرك بمعنى انتهى واضمحل من قولهم أدرك الشمرة لانها تلك غايتها التي عندها يعدم وما بعدها إضراب عن علمهم بامر الاخرة مبالغة فى نفيه ودلالة على ان شعورهم بها انهم شاكون فيها ثم اضرب عنه وقال هُمْ مِنْها عَمُونَ ليس لهم صلاحبة العلم أصلا-.

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا عطف على مضمون قوله تعالى بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ وكالبيان له وضع المظهر هاهنا موضع الضمير ولم يقل وقالوا لكون ذكر الكافرين مجملا فيما سبق أإذا قرأ «وابو جعفر- ابو محمد» نافع إذا بغير همزة الاستفهام على صيغة الخبر وهمزة الاستفهام على هذا مقدرة والباقون بهمزتين على الاستفهام كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا قرأ ابن عامر والكسائي بنونين أحدهما للوقاية وبهمزة واحدة على صيغة الخبر وتقدير همزة الاستفهام والباقون بنون واحدة وهمزتين على الاستفهام وضمير أإنّا راجع إليهم والى ابائهم غلبت الحكاية على الغائب لَمُخْرَجُونَ من القبور أحياء ومن حال الموت الى الحيوة وهذا كالبيان لعمهم والعامل فى إذا محذوف دل عليه مخرجون تقديره انخرج إذا كنا ترابا أنحن مخرجون حينئذ والاستفهام للانكار- والجملة الاستفهامية

<<  <  ج: ص:  >  >>