تمهيد للانذار والتخويف والمعنى اعمّوا فلم يروا ما أحاط بهم من السماء والأرض حيثما كانوا واين ما ساروا مقهورين لا يقدرون ان ينفذوا من أقطارهما ويخرجوا من ملكوتنا يعنى قد راوا ذلك فليخافوا ان يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون او يسقط عليهم كسفا من السماء كما أرسلنا حجارة من السماء على قوم لوط لتكذيبهم رسولنا وكفرهم باياتنا إِنَّ فِي ذلِكَ الذي يرونه من السموات والأرض لَآيَةً دلالة واضحة على كمال القدرة وجواز البعث بعد الموت وجواز تعذيب من كفر بالله لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩) راجع الى الله بقلبه لكونه كثير التفكر والتأمل.
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا على كثير من عباده المؤمنين يدل على ذلك قوله تعالى حكاية عن سليمان الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ويندرج فيه النبوة والكتاب والملك وحسن الصوت وتلين الحديد وغير ذلك وفضلا منصوب على المفعولية ومنّا حال منه يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ بدل من فضلا او من اتينا بتضمين القول اى قلنا يلجبال اوّبى معه اى سبح معه والإياب الرجوع اى ارجعي فى التسبيح كلما رجع داود فيه- او الإياب هو التسبيح يقال اوّب إذا سبح فان المسبح يرجع الى الله معرضا عن غيره وقال القتيبي أصله من التأويب فى السير وهو ان يسير النهار كله وينزل ليلا كانه قال إذا اتى النهار سيرى بالتسبيح معه وقال وهب نوحى معه وَالطَّيْرَ معطوف على الجبال قرأ يعقوب «١» بالرفع حملا على لفظه والباقون بالنصب حملا على محله وجازان يكون النصب عطفا على فضلا او على انه مفعول معه لاوّبى وجازان يكون بالعطف على ضميره قال البيضاوي كان اصل النظم ولقد اتينا داود منّا فضلا وهى تأويب الجبال والطير فبدل به هذا النظم لما فيه من الفخامة والدلالة على عظم شأنه وكبرياء وسلطانه حيث جعل الجبال والطيور كالعقلاء المنقادين لامره فى نفاذ مشيته فيها قال البغوي كان داود إذا نادى بالنياحة اجابته الجبال بصداها وعكفت الطير عليه من فوقه وقيل كان داود إذا تخلل الجبال فسبح الله
(١) والصحيح انه قرأ يعقوب بالنصب كالجماعة نعم روى الرفع عن روح ابن نهران ولا يؤخذ به ابو محمد عفا الله عنه