عطف على ان لا تعبدوا يعنى استغفروا رَبَّكُمْ على ما سلف منكم من المعاصي ثُمَّ تُوبُوا ثم ارجعوا بالطاعة إِلَيْهِ وقال الفراء ثم هاهنا بمعنى الواو والاستغفار هو التوبة يعنى يلزم أحدهما الاخر يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً اى يعيشكم عيشا حسنا فى أمن وسعة فان المعاصي جالبة للمصائب والبليات قال الله تعالى ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ وقيل العيش الحسن الرضاء بالمقسوم والصبر على المقدور إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى اى حين موت كل واحد منكم فانها مدة معلومة عند الله تعالى بحيث لا يتغير وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فى دينه وعمله فَضْلَهُ اى جزاء فضله فى الدنيا بكثرة التوفيق وطمانية القلب والالتذاذ والراحة بذكر الله والبشرى وفى الاخرة بكثرة الثواب ومدارج القرب وَإِنْ تَوَلَّوْا حذفت احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا عن عبادة الله والتوحيد فَإِنِّي قرا نافع وابن كثير وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) يعنى يوم القيامة فان مقداره خمسين الف سنة بل ما لا نهاية لها
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ اى رجوع أموركم كلها فى الدنيا والاخرة وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الاثابة والتعذيب فى الدارين قَدِيرٌ (٤) فهو تقرير لما مر من الآيات-
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ اى من الله تعالى روى البخاري عن ابن عباس قال كان ناس يعنى من المسلمين يستحيون ان يتخلوا فيفضوا بفروجهم الى السماء وان يجامعوا نساءهم فيفضوا الى السماء فنزل ذلك فيهم- وكذا اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابو الشيخ وابن مردوية من طريق محمّد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس- واخرج ابن ابى شيبة وابن جرير وابن المنذر من طريق ابن ابى مليكة قال سمعت ابن عباس يقرا أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط الا وقد تغشوا ثيابهم كراهة ان يفضوا بفروجهم الى السماء- وقال البغوي قال عبد الله بن شداد نزلت هذه الاية فى بعض المنافقين كان إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كيلا يراه النبي صلى الله عليه وسلم- وكذا اخرج ابن جرير وغيره عن عبد الله ابن شداد بن الهاد- وفى لفظ المنافقين نظر فان الاية مكية والنفاق حدث بالمدينة وضمير منه