وفيه انهم سالوا عما حرم إسرائيل على نفسه وعن علامة النبي وعن الرعد وصوته وكيف تذكر المرأة وتؤنث وعمن يأتيه بخبر السماء الى ان قالوا فاخبرنا من صاحبك قال جبرئيل قالوا ذلك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان فنزلت وقال البغوي بلا سند انه قال ابن عباس ان حبرا من الأحبار يقال له عبد الله بن صوريا قال للنبى صلى الله عليه وسلم اىّ ملك يأتيك من السماء قال جبرئيل قال ذاك عدونا من الملائكة ولو كان ميكائيل لا منابك ان جبرئيل عادانا مرارا انزل على نبينا ان بيت المقدس سيخرب على يد رجل يقال له بخت نصر وأخبرنا بوقته فبعثنا رجلا ليقتل بخت نصر حين كان غلاما مسكينا ببابل فدفع عنه جبرئيل وكبر بخت نصر وخرب بيت المقدس- وقال مقاتل قالت اليهود ان جبرئيل عدونا لانه امر ان يجعل النبوة فينا فجعل في غيرنا- قلت ولعل القصتين وقعتا معا قبل نزول الاية لقى عمر مع اليهود فكلهم ما كلمهم ولقى اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت فكلموه فنزل الاية- قرا ابن كثير جبريل هنا في الموضعين وفي التحريم بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز- وقرا ابو بكر بفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة من غير ياء جبرئل وقرا حمزة والكسائي مثله الا انهما يجعلان ياء بعد الهمزة جبرءيل والباقون بكسر الجيم والراء من غير همز جبريل فَإِنَّهُ يعنى جبرئيل نَزَّلَهُ يعنى القران- والإضمار من غير ذكر المرجع لفخامة شأنه وتبادر الذهن اليه كانه لم يحتج الى سبق فى الذكر عَلى قَلْبِكَ يا محمد فان القابل للوحى اولا القلب وكان الحق قلبى ولكنه جرى على حكاية كلام الله تعالى بِإِذْنِ اللَّهِ بامره حال من فاعل نزل مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتب وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) احوال من مفعوله والظاهر ان جواب الشرط فانّه نزّله والمعنى من كان عدو الجبرئيل فانه خلع عن عنقه ربقة الانصاف وكفر بما معه من الكتاب لان جبرئيل نزل القران مصدقا لما بين يديه من الكتاب فحذف الجواب وأقيم علته مقامه- او المعنى من عاداه فالسبب في عداوته انه نزل عليك وقيل جواب الشرط محذوف فليمت غيظا- او فهو عدو لى وانا عدوه يدل عليه ما بعده.
مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ خصّهما بعد التعميم لاظهار فضلهما «١» كانهما من جنس اخر- ولان الكلام كان فيهما- وللتنبيه على ان
(١) اخرج الحاكم عن ابى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وزير اى من اهل السماء جبرئيل وميكائيل ومن اهل الأرض ابو بكر وعمر- واخرج الطبراني بسند حسن عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان في السماء ملكين أحدهما يأمر بالشدة والاخر يأمر باللين فكل مصيب وذكر جبرئيل وميكائيل ونبيان أحدهما يأمر باللين والاخر يأمر بالشدة وكل مصيب وذكر ابراهيم ونوحا ولى صاحبان أحدهما يأمر باللين والاخر بالشدة وكل مصيب وذكر أبا بكر وعمر- منه رحمه الله تعالى