بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا الرسل أجمعين قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وكان اخر أنبياء بنى إسرائيل وكان بعده فترة الرسل حتى بعث الله خاتم النبيين محمدا - صلى الله عليه وسلم - وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً مودة ولينا وَرَحْمَةً ط تعطفا على إخوانهم وعلى المؤمنين كما قال الله تعالى لتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا انا نصارى وكما قال فى صفة اصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رحماء بينهم وَرَهْبانِيَّةً وهى المبالغة فى العبادة والرياضة والانقطاع عن الناس وترك الشهوات حتى المباحة منها كالاكل بالنهار والنوم بالليل والنكاح وغيرها منسوبة الى الرهبان فعلان من الرهب بمعنى خاف كخشيان من خشى معطوف على رافة جعلنا فى قلوبهم الميل الى رهبانية ابْتَدَعُوها من قبل أنفسهم صفة لرهبانية وابتداعهم إياها لا ينافى جعل الله تعالى ميلها فى قلوبهم وجاز ان يكون رهبانية منصوبا بالفعل يفسره قوله تعالى ابتدعوها والجملة معطوفة على جعلنا فى قلوبهم رافة ورحمة وابتدعوا من قبل أنفسهم رهبانية ما كَتَبْناها اى ما كتبنا شيئا من خصائل الرهبانية عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فالاستثناء حينئذ متصل وقيل الاستثناء منقطع لعدم دخول ابتغاء مرضات الله فى الرهبانية والمعنى ولكن كتبنا عليهم ابتغاء مرضات الله فَما رَعَوْها اى الرهبانية النفي لسلب العموم لا لعموم السلب والمعنى فمارعوها جميعهم حَقَّ رِعايَتِها ج بل ضيعها بعضهم بترك ما التزموا على أنفسهم من المبالغة فى الرياضة او لقصد الرياء والسمعة والميل الى الدنيا او بكفرهم وقولهم ثالث ثلثة او قولهم بالاتخاذ او بتهودهم وكفرهم بعيسى ومحمد او بكفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد ما استقاموا على دين عيسى قبل مبعثه فهؤلاء كلهم مارعوها حق رعايتها- فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا صحيحا وحافظوا حقوقها حتى أمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - على ما وصى به عيسى عليه السلام مِنْهُمْ اى ممن ادعى باتباع عيسى عليه السلام أَجْرَهُمْ ج اى الاجر الموعود لهم على حسب أعمالهم فمن رعى حق رعاية الترهيب كما التزم أتاه اجر عمله ومن استقام على الدين الايمان ولكن لم يراع الرهبانية حقها أتاه اجر عمله وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن اتباع عيسى وهم الذين قالوا بالتثليث وللاتخاذ او التهود او دخلوا فى دين الملوك واثبتوا على دين عيسى لكنهم كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - روى البغوي بسنده عن ابن مسعود قال دخلت على رسول الله فقال يا ابن مسعود اختلف من كان قبلكم على ثنتين وسبعين فرقة نحا منهم ثلثة وهلك سايرهن فوقة وازت الملوك