كما لا يخفى الا ان يقال المراد بالتفاوت فوت شىء مما ينبغى فيه وعدم التناسب فمقتضى العبارة انه ليس فى الإمكان أبدع مما كان يعنى باعتبار النظام الجملي مِنْ تَفاوُتٍ من زائدة او تبعيضية على تقدير كون ما نافية وبيانية على تقدير كونها استفهامية والجملة صفة للسبع او حال من فاعل خلق او مفعوله وضع المظهر يعنى لفظ الرحمن او لفظ خلق الرحمن موضع الضمير الرابط للتصريح على سبب عدم نقصانه فانه مستند الى من هو متنزه عن النقص متصف بالرحمة او مستأنفة فى جواب كيف خلقت قرأ حمزه والكسائي تفوت من التفعيل والباقون من التفاعل ومعناهما واحد كالتعهد والمتعاهد من الفوت فان كلا من المتفاوتين يفوت عنه بعض ما فى الاخر يعنى ليس اعوجاج ونقصان كما ترى فى ابنية البشر فَارْجِعِ الْبَصَرَ جواب شرط محذوف اى ان زعمت ان يظهر التفاوت بتكرار البصر فارجع البصر هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ اى شقوق من فطرة إذا شقه ومن زائدة او تبعيضية والاستفهام للتقرير.
ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ عطف على فارجع والتثنية للتكثير اى كرة بعد كرة كما فى لبيك يَنْقَلِبْ مجزوم على جواب الأمر إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً اى بعيدا طريدا عن إصابة المطلوب مع الذل والصغار وَهُوَ حَسِيرٌ كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة حال بعد حال من فاعل ينقلب قال البغوي روى عن كعب السماء الدنيا موج مكفوف والثانية من درة بيضاء والثالثة حديد والرابعة صفراء نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب والسابعة ياقوتة حمراء ومن السّماء السابعة الى الحجب السبعة صحارى من نور.
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا اى السفلى وهى القريبة من الأرض بِمَصابِيحَ اى الكواكب فانها مصابيح الظلم يهتدى بها الطرق وظاهر الاية تدل على ان الكواكب كلها مرتكزة فى السماء الدنيا وما زعمت الفلاسفة خذلهم الله امر لا دليل عليه واستدلالهم بتعدد حركاتها على تعدد أفلاكها لا يتم الا بعد ثبوت امتناع الخرق والالتيام على السموات وذلك جايز عقلا واجب شرعا وَجَعَلْناها اى المصابيح رُجُوماً لا يزولها من مكانها بل بانتقاض الشهب فيها لِلشَّياطِينِ إذا استرقوا السمع وَأَعْتَدْنا لَهُمْ فى الاخرة عَذابَ السَّعِيرِ النار الموقدة ولما تضمن ما سبق من الكلام ذكر الشياطين عقبهم ذكر عذاب الكفار لكون الشياطين من زمرة الكفار وكونهم اخوان الشياطين فقال.