وهو يريد هل تفعل ذلك واجرى بعضهم على الظاهر فقالوا كان ذلك قبل استحكام المعرفة وكانوا بشرا حديث عهد بالجاهلية ومن ثم قال عيسى استعظاما لقولهم اتقوا الله ان كنتم مؤمنين يعنى لا تشكوا فى قدرته تعالى أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ المائدة الخوان إذا كان عليه الطعام فاعلة من ماده يميده إذا أعطاه وأطعمه كانها تميد اى تطعم من يقدم عليه فالمائدة بمعنى المعطية المطعمة للاكلين الطعام وسمى الطعام ايضا مائدة على التجوز كما يقال جرى النهر وقال اهل الكوفة سميت مائدة لانها تميد بالاكلين اى تتحرك وقال اهل البصرة فاعلة بمعنى المفعولة يعنى مميدة بالاكلين قالَ عيسى اتَّقُوا اللَّهَ عن أمثال هذا السؤال الذي لم يسأل مثله الأمم السابقة نهاهم عن اقتراح الآيات إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فانه لا يجوز للمؤمنين اقتراح الآيات او المعنى اتقوا ولا تشكوا فى قدرته ان كنتم مؤمنين بكمال قدرته وصحة نبوتى أو ان كنتم صدقتم فى ادعاء الايمان اخرج الحكيم الترمذي فى نوادر الأصول وابن ابى حاتم وابو الشيخ فى العظمة وابو بكر الشافعي فى الفيلانيات عن سلمان الفارسي قال لما سأل الحواريون عيسى ابن مريم المائدة كره ذلك جدا وقال اقنعوا بما رزقكم الله تعالى فى الأرض ولا تسألوا المائدة فانها ان نزلت عليكم كانت اية من ربكم وانما هلكت ثمود حين سألوا نبيّهم اية فابتلوا بها قابوا الا ان يأتيهم بها فلذلك.
قالُوا اى الحواريون انما سألنا لانا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا بانضمام علم المشاهدة الى علم الاستدلال بكمال قدرته وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا فى ادعاء النبوة اى نزداد ايمانا او يقينا قيل ان عيسى أمرهم ان يصوموا ثلثين يوما فاذا أفطروا لا يسألون الله شيئا الا أعطاهم ففعلوا وسألوا المائدة وقالوا ونعلم ان قد صدقتنا بمعنى صدقتنا ان الله يجيب دعوتنا بعد ما صمنا ثلثين يوما وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ لله بالوحدانية والقدرة ولك بالنبوة بعد ما أمنا بذلك بالغيب او من الشاهدين لك عند بنى إسرائيل إذا رجعنا إليهم قيل ان عيسى حينئذ اغتسل ولبس المسيح وصلى ركعتين وطأطأ رأسه وغض بصره وبكى.
قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا نداء ثان لا صفة ولا بدل لان اللهم لا يوصف ولا يبدل منه كذا قال التفتازانيّ أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً قال السدى معناه تتخذ ذلك اليوم عيدا نعظمه نحن ومن بعدنا