وأخرجت بنات الأرض من تحتهم نظيره قوله تعالى ولو ان اهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض والحاصل ان ما كف الله عنهم من الرزق بشوم كفرهم ومعاصيهم لا لبخل به تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ عادلة غير غالية ولا مقتصرة وهم عبد الله بن سلام وأشباهه مؤمنوا اهل الكتاب وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ ٤ اى ساء ما يعملونه او ساء شيئا عملهم وهى المعاندة وتحريف كتاب الله عز وجل والاعراض عنه والافراط فى عداوة النبي صلى الله عليه وسلم والله اعلم اخرج ابو الشيخ عن الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله بعثني برسالته فضقت بها ذرعا وعرفت ان الناس مكذبى فوعدنى لا بلغن او ليعذبنى فنزلت.
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يعنى كل شىء انزل إليك لا يفوت منه شىء غير منتظر مضرتك ولا خائف من أحد مكروها روى عن مسروق قال قالت عائشة من حدثك ان محمدا كتم شيئا مما انزل الله فقد كذب وهو يقول يا ايها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وقيل بلغ ما انزل من الرجم والقصاص نزلت فى قصة يهود وقيل نزلت فى امر زينب بنت جحش ونكاحها «١» وقيل نزلت فى
(١) واخرج ابن ابى حاتم وابن مردوية وابن عساكر عن ابى سعيد الخدري قال نزلت هذه الاية يا ايها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك يوم غدير خم فى على بن ابى طالب واخرج ابن مردوية عن ابن مسعود قال كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ايها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك ان عليا مولى المؤمنين وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ليكن هذه الرواية التي تدل على نزول الاية يوم غدير خم يأباه النقل والعقل وسوق هذه الاية بل سياق تمام السورة- اما النقل فاصح الروايات ما رواه البخاري عن عائشة رضى الله عنها تقول كان النبي صلى الله عليه وسلم سهرا فلما قدم المدينة الحديث ويطابقه ما اخرج الترمذي والحاكم عن عائشة وما اخرج الطبراني عن ابى سعيد الخدري فان هذه الروايات تدل على نزول الاية فى غزوة الخندق- واما اباء العقل فان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل غدير خم لم يكن شيئا من التبليغ باقيا فى ذمته بل قد تم قبل ذلك ونزل يوم عرفة فى حجة الوداع اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا فكيف يقال له بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته ولم يكن حينئذ فى جزيرة العرب مشرك فكيف يقال له والله يعصمك من الناس ان الله لا يهدى القوم الكافرين- وايضا قبل هذه الاية وبعد هذه الاية مخاطبات فى شان اليهود والنصارى من قوله تعالى يا ايها الذين أمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم ان يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم الاية فالظاهر ان المراد بالتبليغ اية الرجم والقصاص التي نزلت فى قصة اليهود كما رواه ابو الشيخ عن الحسن وبعد هذه الاية قال الله تعالى يا اهل الكتاب لستم على شىء حتى تقيموا التورية والإنجيل الاية ١٢