فيه معنى الاشارة مِنْ بَعْدِهِمْ اى بعد ما اهلكوا إِلَّا قَلِيلًا منصوب على المصدرية او الظرفية يعنى الا سكونا قليلا او زمانا قليلا قال ابن عباس لم يسكنها الا مسافرا ومار طريقا يوما او ساعة وقيل معناه لم يبق من يسكنها الا قليلا من شوم معاصيهم وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ إذ لم يخلفهم أحد يتصرف بصرفهم فى ديارهم وسائر متصرفاتهم.
وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ اى لم يكن عادته إهلاك الْقُرى الكافر حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها يعنى أكبرها وأعظمها رَسُولًا ينذرهم خص الأعظم ببعثة الرسل فيها لان الرسل يبعث الى الاشراف فان الاتباع يتبعهم فى الايمان والكفر. ومن أجل ذلك كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى هرقل اسلم تسلم والا فعليك اثم الأريسين والاشراف يسكنون المدائن والمواضع التي هى أم ما حولها يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا قال مقاتل يخبرهم ان العذاب نازل بهم ان لم يؤمنوا فيه التفات من الغيبة الى الخطاب وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ بتكذيب الرسل والعتو بالكفر.
وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ من زخارف الدنيا فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها تتمتعون وتتزينون بها مدة حياتكم المنقضية وَما عِنْدَ اللَّهِ من الجنة ومراتب قربه تعالى خَيْرٌ فى نفسه من ذلك لانه لذة خالصة وبهجة كاملة وَأَبْقى لانه أبدى أَفَلا تَعْقِلُونَ الاستفهام للانكار والفاء للعطف والتعقيب على محذوف تقديره الا تتفكرون فلا تعقلون.
أَفَمَنْ وَعَدْناهُ عطف على قوله وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى والهمزة لانكار تعقيب المعطوف للمعطوف عليه يعنى ابعد هذا التفاوت الجلى جعلتم من وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً اى بالجنة فان حسن الوعد بحسن الموعود فَهُوَ لاقِيهِ اى مدركه لا محالة لامتناع الخلف فى وعد الله سبحانه ولذلك عطف بالفاء المفيدة للسببية كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا المشوب بالآلام المكدر بالمتاعب المستعقب للتحسر على الانقطاع ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ للحساب او العذاب وثم للتراخى فى الزمان او الرتبة قرأ نافع «١» وابن عامر فى رواية والكسائي ثمّ هو بسكون الهاء تشبيها للمنفصل بالمتصل قال قتادة يعنى المؤمن والكافر لا يستويان بل المؤمن احسن حالا قال البغوي وكذا اخرج ابن جرير انه قال مجاهد نزلت فى النبي صلى الله
(١) والصحيح قرا قالون عن نافع والكسائي وابو جعفر بخلف عنه ثمّ هو بسكون الهاء إلخ ابو محمد عفا الله عنه