للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بربك انى برىء منك إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ انما قال ذلك رياء والا فالخشية من الله تعالى لم يخلق فى الشياطين وقيل المراد بالإنسان الجنس ويقول الشيطان اكفر اغراءه على الكفر إغراء الأمر المأمور وقوله انى برىء بقوله فى الاخرة مخافة ان يشاركه فى العذاب وينفعه ذلك نظيره قوله تعالى وقال الشيطان لما قضى الأمر إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ وقيل المراد بالإنسان ابو جهل قال له إبليس يوم بدر لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ يعنى من الهلاك فى الدنيا.

فَكانَ عاقِبَتَهُما اى الإنسان والشيطان أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ اى نفس كل أحدكم ما قَدَّمَتْ يعنى اى شىء قدمت من عمل صالح ينجيه او سىء يوبقه فينزع عنه ويستغفر منه لِغَدٍ ج اى ليوم القيامة سماه غدا لدنوه أو لأن الدنيا كيوم واحد والاخرة غد فى الحديث الدنيا يوم ولنا فيها صوم وَاتَّقُوا اللَّهَ ط تكرير للتاكيد او الاول لاداء الواجبات والثاني لترك المحارم لاقترانه لقوله إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ وهو كالوعيد على المعاصي.

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فلا يبالون بإتيان مناهيه وترك أوامره فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ اى حظوظ أنفسهم حتى لم يقدموا لها خيرا او أراهم يوم القيامة من الهول ما أنساهم أنفسهم أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق.

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ اى الذين استمهنوا أنفسهم فاستحقوا النار والذين استكملوا أنفسهم فاستحقوا الجنة استدل الشافعية بهذه الاية ان المسلم لا يقتل بالكافر قصاصا وليس شىء فان المراد عدم مساواتهم فى الاخرة حيث قال الله تعالى أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم.

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ط قيل هذا تمثيل وتخييل يعنى لو جعل فى الجبل تميزا وانزل عليه القران تخشع وتشقق وتصدع من خشية الله مع صلابته ورزانته حذرا من ان لا يؤدى حق الله عز وجل فى تعظيم القران والكافر يعرفن عما فيه من العبر كان لم يسمعها وجاز ان يقال ان الجمادات ان كانت فى الظاهر عديمات الشعور لكنها بالنسبة الى خالقها ذات شعور وخشية قال الله تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الجبل

<<  <  ج: ص:  >  >>