لذى القرنين على كونه نبيا يوحى اليه وقال البغوي الأصح انه لم يكن نبيا والمراد به الإلهام- قلت ويمكن ان يكون هذا الأمر من الله تعالى على لسان نبى من الأنبياء يكون معه يسدد امره كما كان في بنى إسرائيل أنبياء مع الملوك يسددون أمورهم-.
حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ يعنى الموضع الّذي تطلع الشمس عليه اولا من معمورة الأرض وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (٩٠) من اللباس او البناء فان ارضهم لا تحمل بناء وانهم اتخذوا الأسراب بدل الابنية.
كَذلِكَ اى امر ذى القرنين كما وصفناه في رفعة المكان وبسطة الملك أو أمره في اهل المشرق كامره في اهل المغرب من التخير والاختيار او هو صفة لمصدر محذوف لوجدها اى وجدها تطلع كما وجدها تغرب او لمصدر لم نجعل اى لم نجعل لهم من دونها سترا كما لم نجعل لاهل المغرب او صفة لقوم يعنى وجدها تطلع على قوم مثل ذلك القوم الذين كانت تغرب عليهم الشمس في الكفر والحكم وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ من الجنود والآلات والعدد والأسباب خُبْراً (٩١) اى علما تعلق بظواهره وبواطنه منصوب على المصدرية لان في احطنا معنى خبرنا- والمراد كثرة ذلك يعنى بلغ مالديه مبلغا لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير-.
ثُمَّ أَتْبَعَ ذو القرنين سَبَباً (٩٢) اى طريقا ثالثا معترضا بين المغرب والمشرق أخذا من الجنوب الى الشمال.
حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ قرأ ابن كثير وابو عمرو وحفص بفتح السين والباقون بضم السين قيل هما لغتان معناهما واحد وقال عكرمة ما كان من صنعة بنى آدم فهو بالفتح وما كان من صنع الله فهو بالضم وكذا قال ابو عمرو وقيل السّد بالفتح مصدر وبالضم اسم والمراد بالسّدين هاهنا جبلان سدّ ذو القرنين ما بينهما حاجزا بين يأجوج وماجوج ومن ورائهم وهما جبلا ارمينية واذربايجان أخرجه ابن المنذر عن ابن عباس رضى الله عنهما قيل جبلان في اواخر الشمال في منقطع ارض الترك منيعان من ورائهما يأجوج وماجوج أخرجه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم في تفاسيرهم وبين هاهنا مفعول به وهو من الظروف المتصرفة وَجَدَ مِنْ دُونِهِما اى امام الجبلين قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (٩٣) قرأ حمزة والكسائي يفقهون بضم الياء وكسر القاف من الافعال يعنى لا يفقهون غيرهم قولهم- وقرأ الآخرون بفتح الياء والقاف يعنى لا يفهمون كلام غيرهم قال ابن عباس لا يفهمون كلام أحد ولا يفهم الناس كلامهم.