رحمة قال مقاتل فسالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكتوا فقال الله تعالى لرسوله قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ يكفينى فى إصابة الخير ودفع الضرّ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) اى المؤمنون لعلمهم بانه نافع ولا ضارّ الا هو عبّر المؤمنين بالمتوكلين لان شأنهم التوكل على الله.
قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ اى على حالكم اسم للمكان استعير هنا للحال كما ان حيث وهنا اسمان للزمان وقد يستعار أحدهما للمكان إِنِّي عامِلٌ اى على مكانتى فحذف للاختصار والمبالغة فى الوعيد والاشعار بان حاله صلى الله عليه وسلم لا يقف على حد بل الله سبحانه يزيده على مر الدهور قوة ونصرة ولذلك توعدهم بكونه منصورا عليهم فى الدارين فقال فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ فان خزى أعدائه دليل على غلبته وقد أخزاهم يوم بدر وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) دائم وهو عذاب النار.
إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ لان يهتدوا به الى مصالحهم فى المعاش والمعاد بِالْحَقِّ اى متلبسا به هذه الجملة متصلة بقوله ولقد ضربنا للنّاس فى هذا القران وما بينهما معترضات فَمَنِ اهْتَدى بالكتاب فَلِنَفْسِهِ ينتفع نفسه به وَمَنْ ضَلَّ طريق مصالح فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها لا يتجاوز عنها وبال ضلاله وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اى ما وكلت عليهم لتجبرهم على الاهتداء به انما أمرت بالبلاغ وقد بلّغت فلا يضرك ضلالهم-.
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها اى يقبضها عن الأبدان اما بان يقطع تعلقها عنها بالكلية فلا يمكن لها التصرف فيها ظاهرا ولا باطنا وذلك حين موتها ونزعها عنها واما بان يقبضها ظاهرا بعض القبض بان يسلب عنها الحس والحركة الارادية وذلك بان يجعله الله تعالى متوجها الى مطالعة عالم المثال عاطلا عن عالم الشهادة ليستريح وذلك فى المنام فالتوفى بالمعنى الاول حقيقة وبالثاني مجاز فيحمل الكلام هاهنا اما على عموم المجاز وهو القبض مطلقا اما ظاهرا فقط او ظاهرا وباطنا واما على تقدير الفعل كانه قال والّتى لم تمت يقبضها