وبهويه دفنه فى القبر فلا شك ان دفن المسلم مع إيمانه سالما عن تسويلات النفس والشيطان غانما بنعمة الايمان والأعمال الصالحة وقت كماله وزوال حظر زواله والله تعالى اعلم وجواب القسم.
ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ محمد - صلى الله عليه وسلم - عن طريق الهدى وَما غَوى ج فى اتباع طريق الباطل قيل الضلال ضد الهداية والغى ضد الرشد يعنى هو مهتد راشد وليس كما تزعمون يا معشر قريش وتنسبونه الى الضلال والغى.
وَما يَنْطِقُ بالقران ولا بغيره عطف على ما ضل عَنِ الْهَوى ط صفة لمصدر محذوف يعنى نطقا ناشيئا عن الهوى يعنى لم يتقول القران من تلقاء نفسه كما يتقول الشعراء وكذا كل ما يتكلم ليس منشاؤه الهوى النفسانية بل مستند الى الوحى جلى او خفى وان كان باجتهاد مامور من الله تعالى مقرر من الله عليه فهو ليس عن الهوى البتة.
إِنْ هُوَ الضمير راجع الى القران المعهود فى الدهن والمدلول فيما سبق من الكلام إِلَّا وَحْيٌ يُوحى فليس فى هذه الاية ما يدل على انه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتكلم بالاجتهاد والجملة تعليل بقوله ما ينطق.
عَلَّمَهُ يعنى محمدا - صلى الله عليه وسلم - الضمير المنصوب مفعول أول لعلم والقران او ما يوحى اليه عليه السلام مطلقا من حيث انه اسم لكلام تام قايم مقام مفعولية الثاني والثالث وفاعله شَدِيدُ الْقُوى جمع قوة والمراد به الله سبحانه القوى المتين.
ذُو مِرَّةٍ المرة القوة الشدة والاصالة والاحكام كذا فى القاموس والله سبحانه شديد البطش يحكم اصل كل شىء وجملة علمه مع ما عطف عليه حال من الضمير المستكن فى يوحى او صفة بعد صفة فَاسْتَوى عطف على علمه والاستواء من المتشابهات قال السلف فى قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ان الاستواء معلوم بلا كيف وقال سهيل بن عبد الله التستري لا يجوز لمومن ان يقول كيف الاستواء لمن خلق الاستواء ولنا عليه الرضا والتسليم وقال مالك بن انس الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والسؤال عنه بدعة وحاصل الاية انه كان لله تعالى إذا علم محمدا - صلى الله عليه وسلم - نسبته به عليه السلام مجهول الكيفية كنسبته مع العرش المجيد والكعبة الحسناء وقد تظهر تلك النسبة للصوفية الكرام وتظهر على وجه أكمل منه يوم يرونه كما يرون القمر ليلة البدر.
وَهُوَ يعنى محمدا - صلى الله عليه وسلم - بِالْأُفُقِ الْأَعْلى يعنى كان محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا يوحى اليه فى كمال رفعة استعداده وعلو مرتبته والأفق الناحية على منتهى دايرة الإمكان حيث يكون وراء ذلك دايرة الوجوب التي لا يتصور هناك للسالك سير قدمى والجملة حال من الضمير المنصوب فى علمه.