للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الا ان يقال ان قوله تعالى وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ الاية وان كان اخبارا لكنه يدل على تحريم رذائل النفس كما يدل قوله تعالى كتب عليكم الصّيام على الإيجاب وكان بصيغته شاملا لحديث النفس وقوله تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ الاية على عدم التكليف على حديث النفس فانه ليس في وسعنا والتحريم تكليف فهو يدل على عدم التحريم فكان ناسخا للتحريم في بعض ما اشتملت عليه الاية الاولى والله اعلم- عن ابى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به او تتكلم- متفق عليه قال البغوي- ذهب ابن عباس وعطاء واكثر المفسرين الى انه تعالى أراد بهذه الاية حديث النفس الذي ذكره في قوله وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ الاية- قلت معناه ان حديث النفس داخل في حكم الآيتين بالمؤاخذة وعدم التكليف فلزم النسخ كما ذكرنا لا ان حكم الآيتين منحصر في حديث النفس بل عموم الآيتين ظاهر والله اعلم- (فائدة) بعد ما ثبت ان المؤاخذة على رذائل النفس أشد من المؤاخذة على اعمال الجوارح وان التكليف فوق الطاقة غير واقع أرجو أن المؤمن إذا بذل جهده وصرف همته مهما أمكن على دفع رذائل النفس بالمجاهدة ولم يقتف هواها ولو بالتكلف وتشبث بأذيال الفقراء مريد إزالتها لعل الله تعالى يغفر له رذائلها ولم يؤاخذه عليها لانه قد بذل جهده ووسعه في الانتهاء عما نهى الله عنه وان الله تعالى وعد العفو عما ليس في وسعه- واما من لم يرفع رأسه لملاحظة عيوبها ولم يقصد دفع رذائلها فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً- وبهذا يظهر فرضية أخذ طريقة الصوفية والتشبث بأذيال الفقراء كفرضية قراءة كتاب الله تعالى وتعلم أحكامه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى- رواه «١» فلا بد من أخذ كتاب الله تعالى لاستنباط أحكامه والعمل والتذكر والاتعاظ به وصعود مدارج القرب بتلاوته وأخذ أذيال آل رسوله وعترته لتهذيب النفوس والقلوب على حسب مرضات الله تعالى وهدايته لَها اى للنفس اجر ما كَسَبَتْ من خير بواسطة الجوارح او بغير واسطتها وَعَلَيْها وزر مَا اكْتَسَبَتْ من شر كذلك يعنى لا ينتفع بطاعتها ولا يتضرر بمعصيتها الا هى وتخصيص الخير بالكسب والشر بالاكتساب لان الاكتساب فيه اعتمال والشر يشتهيه النفس ويجتذب اليه فكانت اجدّ في تحصيله واعمل بخلاف الخير- رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا تقديره قولوا ربّنا لا تؤاخذنا اى لا تعاقبنا إِنْ نَسِينا اى تركنا


(١) هكذا بياض في الأصل-

<<  <  ج: ص:  >  >>