عصيانهم أَرْبَعِينَ سَنَةً الظاهر انه متعلق بقوله محرمة فيكون التحريم موقتا غير موبد ولا يكون مخالفا لظاهر قوله تعالى التي كتب الله لكم على تاويل كتب الله فى اللوح المحفوظ كونها مسكنا لكم ويؤيد ذلك ما روى ان موسى فتح أريحا بمن بقي من بنى إسرائيل وكان يوشع على مقدمته وقاتل الجبابرة واقام موسى فيها ما شاء الله ثم قبض كما سيجئ قصته ولا يعلم قبره أحد قال البغوي وهذا أصح الأقاويل لاتفاق العلماء ان عوج بن عنق قتله موسى قلت ولقوله تعالى وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض الى قوله تعالى اهبطوا مصرا فان لكم ما سالتم فانه يدل على ان موسى كان حيا حين اهبطوا مصرا بعد خروجهم من التيه وذلك يعد أربعين سنة وقيل الظرف متعلق بما بعده يعنى يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ اى يسيرون فيها يتحيرون لا يرون الطريق فيكون التحريم حينئذ مطلقا ولم يدخل الأرض المقدسة أحد ممن قال لا ندخلها بل هلكوا فى التيه كلهم وانما قاتل الجبابرة أولادهم مع يوشع لما هلكوا كلهم وانقضت أربعون سنة ونشات النواشي من ذراريهم ولم يسر إليهم يوشع الا بعد موت موسى ومات موسى وهارون عليهما السلام فى التيه كذا اخرج ابن جرير وابن ابى حاتم عن ابن عباس قال البغوي على هذه الرواية فلما مات موسى وانقضت الأربعون سنة بعث الله يوشع نبيا فامرهم ان الله تعالى قد امر بقتال الجبابرة فصدقوه وبايعوه فتوجه بنوا إسرائيل الى أريحا ومعه تابوت الميثاق فاحاط بمدينة أريحا ستة أشهر فلما كان السابع نفخوا فى القرن وضجّ «١» الشغب ضجة واحدة فسقط سور المدينة ودخلوا فقاتلوا الجبارين فهزموهم وهجموا عليهم يقتلونهم وكانت العصابة من بنى إسرائيل يجتمعون على عنق رجل يضربونها لا يقطعونها فكان القتال يوم الجمعة فبقيت منه بقية وكادت الشمس تغرب وتدخل ليلة السبت فقال اللهم اردد الشمس علىّ وقال للشمس انك فى طاعة الله وانا فى طاعته فسال الشمس ان تقف حتى ينتقم من اعداء الله قبل دخول السبت فردت عليه الشمس وزيد فى النهار ساعة حتى قتلهم أجمعين روى احمد فى مسنده مرفوعا ان الشمس لم تحبس على بشر الا ليوشع ليالى سار الى بيت المقدس قال البغوي وتتبع
(١) الضجع الضياح عند المكروه والمشقة والجزع والشغب بسكون الغين تهيج الشر والفتنة والخصام ١٢ نهاية