لان الإنشاء لا يقع خبرا الا بإضمار وتاويل وقد اتفق القراء هاهنا على الرفع فاحتاج النحاة هاهنا الى تكلف فقال سيبويه الاية جملتان السارق والسارقة مبتدأ خبره محذوف تقديره حكمهما فيما يتلى عليكم وقوله فاقطعوا جزاء شرط محذوف اى ان ثبت سرقتهما فاقطعوا وقال المبرد هى جملة واحدة وكون الفعل إنشاء وان كان يقتضى النصب لكن يعارضه ان الفاء يمنع عن المنع فيما قبله فقوله تعالى السارق والسارقة مبتدأ تضمن معنى الشرط ولذا دخل الفاء على خبره اى الذي سرق والتي سرقت فاقطعوا قال المحقق التفتازانيّ الإنشاء فى مثل هذا الموضع يقع خبر مبتدأ بلا تكلف لكونه فى الحقيقة جزاء للشرط اى ان سرق أحد فاقطعوه ولم يدرج الله سبحانه الإناث هاهنا وكذا فى حد الزنا فى التعبير عن الذكور كما هو داب القران فى كثير من المواضع لان الحدود تندرئ بالشبهات فلابد فيه من التصريح وبدأ بذكر الرجل هاهنا واخر فى الزانية والزاني لان فى السرقة لا بد من الجرأة وهى فى الرجال اكثر وفى الزنا من الشهوة وهى فى النساء أوفر وقطعت اليد لانها فمعز الدولة السرقة ولم يقطع فمعز الدولة الزنا تعاديا عن قتل النسل واليد اسم للعضو الى المنكب ولذلك ذهب الخوارج الى ان المقطع هو المنكب لكن توارث العمل وانعقد الإجماع على ان القطع من الرسغ ومثله لا يطلب له سند بخصوصه وقد روى فيه خصوص متون امر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع السارق من المفصل رواه الدارقطني فى حديث رداء صفوان وضعف بالعذرى ورواه ابن عدى فى الكامل عن عبد الله بن عمر وفيه عبد الرحمن بن سلمة قال ابن القطان لا اعرف له حالا واخرج ابن ابى شيبة عن رجاء بن حيوة ان النّبى صلى الله عليه وسلم قطع رجلا من المفصل وانما فيه الإرسال واخرج عن عمر وعلى انهما قطعا من المفصل وقيل اليد اسم مشترك يطلق على ما الى المنكب وما الى الرسغ بل الإطلاق الثاني أشهر من الاول حتى يتبادر عند الإطلاق وإذا كان مشتركا فالقطع من الرسغ عملا بالمتيقن ودرأ للزائد عند احتمال عدمه والمراد بايديهما إيمانهما اجماعا عملا بقراءة ابن مسعود فاقطعوا إيمانهما وهى مشهورة يجوز به تقييد المطلق إذا كانا فى الحكم واتحدت الحادثة وليس هذا من بيان المجمل إذ لا إجمال فيه وقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة اليمين فلو كان الإطلاق مرادا دون التقييد باليمين لقطع اليسار البتة طلبا لليسر للناس ما أمكن فان اليمين انفع من اليسار والله اعلم ولما كان المراد إيمانهما