ليحكموا بالتورية بقرينة قوله تعالى وقفينا على اثارهم بعيسى وعلى تقدير شمول كلمة النبيين المذكورة محمدا صلى الله عليه وسلم وغيره لا بد من التأويل فى قوله تعالى وقفينا على اثارهم بان الضمير راجع إليهم بالنسبة الى بعض افرادهم كما فى قوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن ومن هاهنا قال ابو حنيفة يجب علينا العمل بشرائع من قبلنا ما لم يظهر نسخه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انا اولى الناس بعيسى بن مريم فى الاولى والاخرة الأنبياء اخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد الحديث متفق عليه يعنى دينهم واحد وهو ما قضى الله به سبحانه وطرق ظهور ذلك الدين فى الدنيا شتى بعدد تعينات الأنبياء الَّذِينَ أَسْلَمُوا اى انقادوا الحكم الله صفة أجريت على النبيين مدحا لهم وتنويها لشان المسلمين وتعريضا لليهود حيث لا يحكمون بما فى التورية ولا ينقادون لحكم الله تعالى لِلَّذِينَ هادُوا اى تابوا من الكفر متعلق بانزلنا او بالظرف المستقر أعنى فيها هدى ونورا وبيحكم اى يحكمون بها فى تحاكمهم وعلى التقدير الثالث قيل اللام بمعنى على كما فى قوله تعالى وان أسأتم فلها يعنى فعليها وقوله تعالى أولئك لهم اللعنة اى عليهم قلت وعلى هذا التأويل جاز ان يكون معنى الاية يحكم النبيون بالتورية على اليهود بكفرهم فان التورية يحكم عليهم انه إذا جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال البيضاوي هذا القيد يعنى للذين هادوا يدل على ان المراد بالنبيين فى هذه الاية أنبياء بنى إسرائيل الذين بعثوا بعد موسى عليه السّلام ليحكموا بما فى التورية لا من لم يومر بما فى التورية ومنهم عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم وكذا قوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وهذا القول منه مبنى على مذهب الشافعي رح ان شرائع من قبلنا لا يكون حجة علينا قلنا قوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا لا يدل على نسخ جميع احكام التورية بل على بعضها او أكثرها وما لم يظهر نسخ حكم ثبت بالكتاب او السنة ان الله تعالى حكم به لا بد من العمل به لقوله تعالى فبهدئهم اقتده والله اعلم وَالرَّبَّانِيُّونَ اى الصوفية الزهاد يحكم بها المسترشدين منهم فيما يتعلق بتهذيب الأخلاق وتجلية القلوب وَالْأَحْبارُ جمع حبر بفتح الحاء وكسرها والكسر افصح هو العالم المحكم للشئ وقيل الحبر بمعنى الجمال فى الحديث يخرج من النار رجل قد ذهب حبره