موصوفا ببلوغه الى الكعبة حال حكمهما به على التحقيق فالتقدير على تفسيركم انه يحكمان به مقدرا بلوغه فلزوم التقدير ثابت غير انه يختلف محله على الوجهين.
(مسئلة:) هل يجب فى الهدى السوق أم يجوز ان يشترى بمكة فقال مالك يجب فيه السوق عملا بظاهر قوله تعالى هديا بالِغَ الْكَعْبَةِ وصف به هديا لان إضافته لفظية وقال الجمهور لا يجب السوق بل انما ذكر قوله هديا بالغ الكعبة للدلالة على ان الحرم شرط لذبح الهدى وعليه انعقد الإجماع وكونه مهدى من خارج غير مقصود قلت والدليل على ان السوق ليس بشرط قصة حجة الوداع ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة قال للناس من كان منكم اهدى فانه لا يحل من شىء حرم منه حتى يقضى حجه ومن لم يكن منكم اهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهدو من لم يجد هديا فليصم وهذا صريح فى ان بعض الصحابة لم يسق الهدى واشتروا هديا بمكة ومن لم يجد هديا صام وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم هديا حيث قال ثم ليهل بالحج وليهدو قد قال الله تعالى فى التمتع ايضا فما استيسر من الهدى وما قاله مالك فيمن اشترى الهدى من الحرم الواجب ان يخرج به إذا حج الى عرفة امر لا دليل عليه.
(مسئلة) هل يجب التصدق بلحم الهدى على فقراء مكة فقال الجمهور يجب ذلك لان صفة بلوغ الهدى الكعبة يشعر ان ينفق اللحم على مساكين الحرم وقال ابو حنيفة لا يجب ذلك بل يتصدق على من يشاء من المساكين فى الحرم وغيره لان الذبح عبادة غير معقولة فلا بد فيه من رعاية المكان حتى انه من ذبح فى غير الحرم لا يجزيه الا ان يبلغ اللحم قيمة الصيد فينفقه بنية الإطعام واما انفاق اللحم فعبادة معقولة ولا دليل على التخصيص بمساكين الحرم وما ذكروا من الاشعار ممنوع أَوْ كَفَّارَةٌ عطف على جزاء قرأ نافع وابن عامر بالاضافة الى طَعامُ مِسْكِينٍ اضافة بيانية والباقون بتنوين كفارة ورفع طعام على انه عطف بيان او بدل منه او خبر مبتدأ محذوف اى هى طعام مساكين وكلمة او للتخيير «١» تفيد ان الجاني مخير
(١) والعطف بكلمة او للتخيير اى تخيير الجاني بين الخصال الثلاثة تخفيفا عليه كما فى خصال كفارة اليمين هذا عند ابى حنيفة وابى يوسف رح وقال محمد والشافعي رح الخيار فى تعيين شىء من الخصال الى الحكمين ولا دليل لهذا القول فى الاية بل الاية تدل على ان المراد بالمثل القيمة وتقدير القيمة مفوض الى الحكمين فاذا حكما بمقدار القيمة فالخيار الى الجاني ان شاء يشترى بها هديا بالغ الكعبة وان شاع يشترى بها طعاما للمساكين وان شاء صام مكان كل مسكين يوما ولا مدخل للحكمين فى التعيين فان الحاكم هو الله لا غير وانما التخيير للتخفيف رحمة من الله تعالى وذلك فى تخيير الجاني ١٢ منه