عليه واله وسلم اربعوا «١» على أنفسكم انكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا رواه البغوي قلت هذا الحديث وان كان دالا على افضلية الذكر الخفي لكن قوله اربعوا على أنفسكم يدل على ان النهى عن الجهر والأمر بالإخفاء انما هو شفقة لا لعدم جواز الجهر أصلا وكذا حديث خير الذكر الخفي (فصل) اعلم ان الذكر على ثلثة مراتب أحدها الجهر ورفع الصوت بها وذلك مكروه اجماعا الا إذا دعت اليه داعية واقتضته حكمة فحينئذ قد يكون أفضل من الإخفاء كالاذان والتلبية ونحو ذلك ولعل الصوفية الچشتية قدس الله تعالى أسرارهم اختاروا الجهر للمبتدى لاقتضاء حكمة وهى طرد الشيطان ودفع الغفلة والنسيان وحرارة القلب واشتغال نائرة الحب بالرياضة ومع ذلك يشترط لذلك الاحتراز عن الرياء والسمعة ثانيها الذكر باللسان سرّا وهو المراد بقوله صلى الله عليه واله وسلم لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله رواه الترمذي وابن ماجة وروى احمد والترمذي قيل اى الأعمال أفضل قال ان تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله وعن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه واله وسلم ان لله ملئكة يطوفون فى الطرق يلتمسون اهل الذكر فاذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا الى حاجتكم قال فيحفونهم بأجنحتهم الى سماء الدنيا قال فيسئلهم ربهم وهو اعلم بهم ما يقولون عبادى قال يقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك قال فيقول هل رأونى قال فيقولون لا والله ما رأوك قال فيقول كيف لو رأونى قال فيقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا واكثر لك تسبيحا قال فيقول فما يسئلون قالوا يسئلونك الجنة قال فيقول وهل رأوها قال فيقولون لا والله يا رب ما رأوها قال يقول فكيف لو رأوها قال يقولون لو انهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة قال فمم يتعوذون قال يقولون من النار قال فيقول فهل راوها قال يقولون لا والله يا رب ما رأوها قال يقول فكيف لو رأوها قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة قال فيقول فاشهدوا انى قد غفرت لهم قال يقول ملك من الملئكة فيهم فلان ليس بينهم انما جاء لحاجة قال هم الجلساء لا يشقى جليسهم رواه البخاري ومسلم نحوه وثالثها الذكر بالقلب والروح والنفس وغيرها الذي لا مدخل فيه للسان وهو الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة اخرج ابو يعلى عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لفضل الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة سبعون ضعفا إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق لحسابهم وجاءت