للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيما آتاهُما

قرأ ابو بكر شركاء بكسر الشين والتنوين اى شركة قال ابو عبيدة يعنى حظا ونصيبا وقرأ الآخرون بضم الشين وفتح الراء والمد والهمز جمع شريك قال البغوي اخبر عن الواحد بلفظ الجمع اى جعلا له شريكا إذ سمياه عبد الحارث وقال لم يكن هذا اشراكا فى العبادة ولا فى اعتقاد ان الحارث ربهما فان آدم كان نبيا معصوما من الشرك ولكن قصد ان الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة امه وقد يطلق اسم العبد على من لا يراد به انه مملوك كما يطلق اسم الرب على من لا يراد به انه معبود وهذا كالرجل إذا نزل به ضيف يسمى نفسه عبد الضيف على وجه الخضوع لا على ان الضيف ربه ويقول للغير انا عبدك وقال يوسف لعزيز مصر انه ربى احسن مثواى ولم يرد به انه معبوده كذلك هذا وقال الحسن وعكرمة معنى قوله تعالى جعلا له شركاء انه جعل أولادهما يعنى كفار مكة وغيرهم له تعالى شركاء فيما اتى أولادهما على حذف المضاف فى الموضعين واقامة المضاف اليه مقامه نظيره قوله تعالى ثم اتخذتم العجل وإذ قتلتم نفسا خطابا للذين كانوا فى عهد النبي صلى الله عليه واله وسلم من اليهود وكان ذلك من فعل ابائهم والمعنى ثم اتخذ آباؤكم العجل وإذ قتل اسلافكم نفسا ويؤيد هذا القول إيراد شركاء بصيغة الجمع وقوله تعالى فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يعنى الأصنام وكذا ما بعدها من الآيات وقال البغوي قيل هذا ابتداء كلام وأراد به اشراك اهل مكة ولئن أراد ما سبق فمستقيم من حيث انه كان الاولى بهما ان لا يفعلا ما فعلا من الإشراك فى الاسم وقال السيوطي هذا معطوف على خلقكم وما بينهما اعتراض وقال البغوي وقيل هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوهم ونصروهم وقال ابن كيسان هم الكفار سموا أولادهم عبد العزى وعبد اللات وعبد المناف وعبد الشمس وقال عكرمة خاطب كل واحد من الخلق بقوله خلقكم من نفس واحدة اى من أبيه وجعل منها اى من جنسها زوجها قال البغوي وهذا قول الحسن والاول قول السلف ابن عباس ومجاهد وسعيد بن المسيب وجماعة من المفسرين انه آدم وحواء قلت ذكر الله سبحانه من آدم قصة أكل الشجرة بعد ما نهى عنه واشنع عليه فى القران فى عدة مواضع حيث قال وعصى آدم ربه فغوى وذكر انه ندم على ذلك كثيرا حيث قال ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين فتاب الله سبحانه عليه وقال ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ومع ذلك ندم آدم على تلك الزلة ابدا حتّى انه ورد فى الصحيحين فى حديث طويل عن انس ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال يحبس المؤمنون يوم القيامة حتّى يهموا بذلك فيقولون لو استشفعنا الى ربنا فيريحنا

<<  <  ج: ص:  >  >>