للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمبالغة كانه من فرط استماعه صار جملته فمعز الدولة للسماع كما يسمى الجاسوس عينا او تقديره ذو اذن سامعة او يقال اذن مشتق فعل من اذن اذنا إذا استمع واخرج ابن ابى حاتم عن ابن عباس انه قال كان نبتل بن الحارث يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجلس اليه يسمع وينقل حديثه الى المنافقين فانزل الله هذه الآية وقال محمد بن إسحاق كان نبتل رجلا ادلم ثائر «١» الراس احمر العينين اسفع الخدين مشوه الخلق وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من أحب ان ينظر الى الشيطان فينظر الى هذا وكان يتم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المنافقين فقيل له لا تفعل فقال انما محمد اذن فمن حدثه شيئا صدقه فنقول ما شئنا ثم ناتية ونحلف له فيصدقنا فانزل الله تعالى هذه الاية وقال الله تعالى فى جوابهم قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ قرأ العامة بالاضافة وهو كقولك رجل صدق يريد الجودة والصلاح كانه قيل نعم هو اذن ولكن نعم الاذن هو او المعنى انه مستمع خير لكم وصلاح لا مستمع شر وفساد فيسمع عذر من اعتذر ولا يسمع الغيبة والنميمة ونحو ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن عز كريم والفاجر خبث ليئم رواه ابو داود والترمذي والحاكم وصححه عن ابى هريرة ويجوز ان يريد هو اذن فى الخير والحق وفيما يجب سماعه وقبوله وليس بإذن فى غير ذلك وقرأ الأعمش والبرجمي عن ابى بكر اذن خير مرفوعين مئوفين على ان خير صفة اذن او خبر ثان يعنى ان يسمع منكم ويصدقكم خير لكم من ان يكذب قولكم ثم مدحه بقوله يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ اى يصدق لِلْمُؤْمِنِينَ اى لن يظهر الايمان بناء على حسن الظن او المعنى يصدق المؤمنين المخلصين دون المنافقين لكن يقبل اعذارهم إعراضا عنهم عدى فعل الايمان بالباء الى الله لانه قصد ضد الكفر وباللام الى المؤمنين لانه قصد به التصديق لهم ضد تكذيبهم وَرَحْمَةٌ قرأ حمزة بالجر عطفا على خير يعنى اذن خير ورحمة والباقون بالرفع عطفا على اذن لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ يعنى لمن اظهر الايمان حيث يقبله ولا يكشف سره وفيه تنبيه على انه ليس يقبل قولكم


(١) ثائر الراس اى منتشر شعر الراس من ثار الشيء يثور إذا انتشر وارتفع ومشوه الخلق قبيحة ومنه شاهت الوجود اى قيمت السفع نوع السواد وليس بالكثير ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>