وكونوا مع الصادقين فو الله ما أنعم الله تعالى علىّ من نعمة بعد ان هدانى للاسلام أعظم من نفسى من صدقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ان لا أكون كذبة فأهلك كما هلك الذين كذبوا حين انزل الوحى شر «١» ما قال لاحد فقال تبارك وتعالى سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم الى قوله فان الله لا يرضى عن القوم الفاسقين قال كعب وكنا تخلفنا ايها الثلاثة عن امر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وارجا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله سبحانه فيه بذلك قال الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا وليس الذي ذكر الله تعالى ممن خلفنا عن الغزو وانما هو تخليفه إيانا وارجاؤه أمرنا عمن خلف واعتذر اليه فقبل منه قال فى النور لعل الحكمة فى هجران كعب وصاحبيه خمسين ليلة انها كانت هذه مدة غيبته صلى الله عليه وسلم فى سفر تلك الغزوة قال الله تعالى حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ لاعراض الناس عنهم بِما رَحُبَتْ اى مع رحبها وسعتها وهذا مثل لشدة الحيرة فى أمرهم كانهم لا يجدون فيها مكانا ليقرون فيه قلقا واضطرابا وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ اى قلوبهم من فرط الوحشة والغم بحيث لا يسعتها انس ولا سرور وَظَنُّوا اى علموا أَنْ لا مَلْجَأَ اى لا مفزع مِنَ اللَّهِ من سخطه إِلَّا إِلَيْهِ اى الا الى استغفاره ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ اى قبل توبتهم لِيَتُوبُوا اى ليستقيموا على التوبة فان توبتهم قد سبقت او المعنى ليعدوا من جملة التوابين عن ابى بكر الوراق انه قال التوبة النصوح ان يضيق على التائب إذا أذنب الأرض بما رحبت وتضيق عليه نفسه كتوبة هؤلاء الثلاثة إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ عن ابى موسى قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها رواه مسلم وعن انس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم الله أشد فرحا يتوب عبده حين يتوب اليه من أحدكم كان راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فايس منها فاتى شجرة فاضطجع فى ظلها قد ايس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده
(١) شر ما قال لاحد بالاضافة به اى قال قولا شر القول الكائن لاحد من الناس ١٢.