للمفعول من سعد الله بمعنى أسعده- والباقون بالفتح على البناء للفاعل فهو لازم ومتعد فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ قد ذكرت الأقوال فى هذا الاستثناء فيما سبق- والمختار عندى ان اهل الجنة ينعمون فى بعض احيانهم بما هو أعلى من الجنة- وذلك هو الاستغراق فى رؤية الله تعالى- وكمال الاتصال بجنابه بلا كيف قال المفسرون فى تفسير قوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ان تقديم الجار والمجرور يقتضى الحصر ويفيد انهم إذا راوا ربهم يستغرقون فى رؤيته تعالى لا ينظرون حينئذ الى غيره- وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل الجنة فى نعيمهم إذ سطع عليهم نور فرفعوا رؤسهم فاذا الرب تبارك وتعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا اهل الجنة- وذلك قوله تعالى سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ- قال فينظر إليهم وينظرون اليه- فلا يلتفتون الى شيء من النعيم ما داموا ينظرون اليه حتّى يحجب عنهم ويبقى نوره وبركته فى ديارهم- رواه ابن ماجة وابن ابى الدنيا والدار قطنى- وقال المجدد للالف الثاني رضى الله عنه فى المكتوب المائة من المجلد الثالث فى تحقيق سر اشتغال قلب يعقوب بمحبة يوسف عليهما السلام ان جنة كل رجل عبارة عن ظهور اسم من اسماء الله تعالى الّذي هو مبدا لتعيّن ذلك الرجل- وان ذلك الاسم يتجلى بصورة الأشجار والأنهار والقصور والحور والغلمان- واستحكم هذا المكشوف بقوله صلى الله عليه وسلم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان وان غراسها هذه يعنى سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر- ثم قال المجدد رضى الله عنه ان تلك الأشجار والأنهار قد تصير فى حين من الأحيان على هيئة الاجرام الزجاجية- فتصير وسيلة الى رؤية الله سبحانه غير متكيفة ثم تعود الى حالها الّذي كانت عليه- فيشغل المؤمن بنفسها وهكذا الى ابد الآبدين- وقد ذكرنا زيادة الكلام فى المقام فى تفسير سورة القيامة فى شرح اية الرؤية عَطاءً منصوب على انه مصدر مؤكّد يعنى اعطوا عطاء- او على الحال من الجنة- قلت ويمكن ان يكون منصوبا على انه مفعول به لقوله تعالى إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ- يعنى هم فى الجنة الا وقت مشية ربك عطاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨) اى غير مقطوع يعنى الوصال والرؤية بلا حجاب- ووجه تعبير ذلك بعطاء غير مجذوذ مع ان كل نعيم فى الجنة عطاء غير مجذوذ- ان ذاته تعالى موجود متاصل بنفسه وغيره