وبهذه الاية كانت الوصية للاقارب فريضة في بدو الإسلام ثم نسخت الاية- قالوا نسخت هذه الاية اية المواريث وقوله صلى الله عليه وسلم ان الله قد «١» اعطى كل ذى حق حقه الا لا وصية لوارث وفيه نظر لان اية المواريث لا يعارضه بل يؤكده فانها تدل على تقديم الوصية على الإرث- فكيف تكون ناسخة- والحديث حديث الآحاد لا يجوز به نسخ الكتاب- والتحقيق ان الاية منسوخة الحكم للاجماع على عدم جواز الوصية لوارث الا عند رضاء الورثة- ولاتفاق الائمة الاربعة وجمهور العلماء على عدم وجوب الوصية لغير الوارث من الأقارب- وما روى عن الزهري وابى بكر الحنبلي وبعض اصحاب الظواهر وجوبها في حق من لا يرث من الأقارب فلا عبرة به لمخالفتهم الجمهور وإذا ثبت الإجماع ظهر انه ثبت عندهم دليل قطعى ناسخ للاية به تركوا نص الكتاب وإلا ما تركوه وان لم يصل ذلك الناسخ إلينا بطريق قطعى- ونورد هاهنا أحاديث يصلح ان يكون سندا للاجماع- منها حديث ابى امامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة حجة الوداع ان الله قد اعطى كل ذى حق حقه فلا وصية لوارث- رواه ابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الحافظ حسن الاسناد وكذا رواه احمد والترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث عمرو بن خارجة ورواه ابن ماجة من حديث سعيد بن ابى سعيد عن انس والبيهقي من طريق الشافعي عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا وصية لوارث- ورواه الدارقطني من حديث جابر وصوب إرساله من هذا الوجه- ومن حديث على واسناده ضعيف- ومن حديث ابن عباس بإسناد حسن- وروى الدارقطني حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وصية لوارث الا ان يجيزه الورثة- وروى بهذا اللفظ ابو داود عن عطاء الخراسانى مرسلا ووصله يونس بن راشد عن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس رواه الدارقطني وهذه الأحاديث تدل على ان الاية منسوخة في حق الورثة- واما فى حق غير الورثة من الأقارب فلا دلالة لهذه الأحاديث على نفيها ولا إثباتها- وأورد لهذا الحكم ابن الجوزي حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما حق امرئ يبيت ليلتين- وفي رواية لمسلم ثلاث ليال وله مال يريد ان يوصى فيه الا ووصيته مكتوبة عنده- متفق عليه- وجه الحجة انه علق الوصية بالارادة فدل على انه ليس بواجب والله اعلم وبعد اتفاقهم على ما ذكرنا واتفاقهم على جواز الوصية لغير الوارث من الأقارب كالاجنبى بل اولى وأحب فان الصدقة على ذى رحم صدقة وصلة اتفقوا على ان الوصية لا يجوز فيما زاد على الثلث الا برضاء الورثة خلافا لاحد قولى الشافعي في الاستثناء حيث قال لا يصح عند رضاء الورثة