للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المتقدمين يأبى عنه سياق كلام الله تعالى فانه تعالى قال لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ- لان السوء هو الصغيرة وما ذكر فهو من الصغائر البتة- ولو كان كذلك لذكرت توبته واستغفاره (كما ذكر لام ونوح وذى النون وداود عليهم السلام مع كون كل ما صدر منهم عليهم السلام من غير قصد منهم بالمعصية- كما ذكر كل ذلك فى موضعه) ولم يذكر بل ذكر تبرية نفسه حيث قال هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي- وقال ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وقال إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ- وقال الله تعالى إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ- لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ جواب لولا محذوف تقديره لجامعها- وقيل جواب لولا مقدم عليه تقديره لولا ان رّاى برهان ربّه لهمّ بها- لكنه راى البرهان فلم يهم وأنكره النحاة لان لولا فى حكم أدوات الشرط فلا يتقدم عليها جوابها- وجاز ان يكون همّ بها المذكور قبلها دليلا على جوابها يعنى لهمّ بها- ومعنى الهم المذكور على هذا شارف الهم- فهو كقوله قتلته لو لم أخف الله- تقديره شارفت على قتله لو لم أخف الله لقتلته- واختلفوا فى ذلك البرهان فقال جعفر بن محمّد الصادق رضى الله عنهما البرهان النبوة الّتي أودع الله فى صدره حالت بينه «١» وبين ما يسخط الله عز وجل- وهذا أصوب الأقوال عندى- وقال قتادة واكثر المفسرين انه راى صورة يعقوب وهو يقول له يا يوسف تعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب فى الأنبياء- وقال الحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك انفرج له سقف البيت فراى يعقوب عليه السلام عاضّا على إصبعه- وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس مثل يعقوب فضرب بيده فى صدره فخرجت شهوته من أنامله- واخرج ابن جرير وابن ابى حاتم وابو الشيخ عن محمّد بن سيرين قال مثل له يعقوب عاضّا على إصبعه يقول يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم خليل الرّحمن اسمك فى الأنبياء وتعمل عمل السفهاء- وقال السدى نودى يا يوسف تواقعها انما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير فى جو السماء لا يطاق- ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات ووقع فى الأرض لا يستطيع ان يدفع عن نفسه شيئا- ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصعب الّذي لا يطاق- ومثلك ان واقعتها مثل الثور يموت فيدخل النمل فى اصل قرنية لا يستطيع ان يدفع عن نفسه- واخرج ابن جرير عن القاسم بن ابى نزة قال نودى


(١) فى الأصل بينه وما يسخط [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>