ونزول هذه الاية في جواب السائل أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ارشاد على الذكر الخفي دون الجهر كما لا يخفى- وعن ابى موسى الأشعري قال لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى خيبر اشرف الناس على وادفر فعوا أصواتهم بالتكبير لا الله الا الله والله اكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعوا على أنفسكم انكم لا تدعون أصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم- رواه البخاري- قال المفسرون معناه انى قريب منهم بالعلم لا يخفى علىّ شىء- قال البيضاوي هو تمثيل لكمال علمه بافعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم- قلت وهذا التأويل منهم مبنى على ان القرب عندهم منحصر في القرب المكاني والله تعالى منزه عن المكان ومماثلة المكانيات والحق انه سبحانه قريب من الممكنات قربا لا يدرك بالعقل بل بالوحى او الفراسة الصحيحة وليس من جنس القرب المكاني ولا يتصور شرحه بالتمثيل إذ ليس كمثله شىء واقرب التمثيلات ان يقال قربه الى الممكنات كقرب الشعلة الجوالة بالدائرة الموهومة فان الشعلة ليست داخلة في الدائرة للبون البعيد بين الموجود الحقيقي والموجود فى الوهم وليست خارجة عنها ولا عينها ولا غيرها وهو اقرب الى الدّائرة من نفسها حيث ارتسمت الدائرة بها ولا وجود لها في الخارج بل في الوهم بوجود تلك النقطة في الخارج والله اعلم أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ قرا اهل المدينة غير قالون وابو عمرو بإثبات الياء فيهما في الوصل والباقون بحذفهما وصلا ووقفا وكذا اختلف القراء في اثبات الباءات المحذوفة من الخط وحذفها في التلاوة ويثبت يعقوب جميعا وصلا ووقفا واتفقوا على اثبات ما هو مثبت في الخط وصلا ووقفا فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي اى ليطلبوا منى اجابة دعواتهم- وانما عدى باللام لان طلب الحاجة والدعاء عبادة من العبد لله تعالى- وقيل الاستجابة بمعنى الاجابة اى فليجيبوا لى بالطاعة إذا دعوتهم للايمان والعبادة كما أجيبهم إذا دعونى لحوائجهم والاجابة في اللغة إعطاء ما سئل فهو من الله تعالى العطاء ومن العبد الطاعة وَلْيُؤْمِنُوا بِي قرا بفتح الياء ورش والباقون بالإسكان- امر بالثبات والمداومة على الايمان إذ اصل الايمان ثابت في المؤمنين- والاولى ان يحمل على انه طلب الايمان الحقيقي المترتب على فناء النفس بعد الايمان المجازى فان التنصيص اولى من التأكيد لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦) راجين إصابة الرشد او لكى يرشدوا ويهتدوا- والرشد ضد الغى وهو النيل الى المقصود والوصل العريان ان شاء الله تعالى- فان قيل أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ وادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وعد بالاجابة لا يجوز خلفه وقد يدعوا العبد كثيرا ولا يجاب قال البغوي في الجواب اختلفوا في معنى الآيتين قيل معنى الدعاء هاهنا