اصل كاعضاء الجسد ولما كان هذا غاية البيان باللسان على قياس فهم السائلين بحيث يحصل به امتياز الروح عن سائر الماديات ولم يكن مفيدا للعلم بحقيقته المسئولة بقولهم وما الروح اعتذر عنه وقال وَما أُوتِيتُمْ ايها السائلون مِنَ الْعِلْمِ بالأشياء الكائنة إِلَّا قَلِيلًا (٨٥) اى ما تستفيدونه بتوسط حواسكم فان اكتساب العقل للمعارف النظرية انما هو من الضروريات المستفادة من احساس الجزئيات ولذلك قيل من فقد حسّا فقد فقد علما ولعل اكثر الأشياء لا يدركها الحس فلا يحصل عنده ذاتياتها فلا يدرك بعضها الا بعوارض تميّزه عما يلتبس به والألفاظ انما وضعت بإزاء أشياء محسوسة او معقولة منتهية اكتسابها الى أشياء محسوسة ولذلك اقتصر موسى عليه السلام فى جواب قول فرعون وما ربّ العلمين بذكر بعض صفاته- وهذه الاية لا يقتضى نفى العلم بالروح للنبى صلى الله عليه وسلم ولاصحاب البصائر من اتباعه- فان طور علمهم وراء طور علم العالمين بتوسط الحواس والاكتساب فانهم يلهمون من الله تعالى حقائق الأشياء بلا توسط الحواس والاكتساب- فان لقلوبهم اسماع يسمعون بها ما لا يسمعه الاذان وأبصار يبصرون بها ما لا يبصره العيون- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى لا يزال عبدى يتقرّب الىّ بالنوافل حتّى أحببته فاذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به الحديث- وقد أدرك اصحاب البصائر حقيقة الروح وظهر لهم ان لكل انسان خمسة من الأرواح العلوية- والروح السفلى المسمى بالنفس سادسها- والخمسة القلب والروح والسر والخفي والأخفى- يمتاز عندهم كل منها عن الاخر ذاتا وصفاتا- ويعرفونها كما يعرفون أبناءهم- وقد يشتبه عند بعضهم بعضها ببعض- بل قد تشتبه هى لاجل لطافتها بمراتب الوجوب- حتّى قال بعضهم عبدت الروح ثلاثين سنة ثم اظهر الله تعالى حقيقته وإمكانه وحدوثه عليه- فقال لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ- فان قيل اخرج ابن مردوية عن عكرمة انه صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك قالوا نحن مختصون بهذا الخطاب قال بل نحن وأنتم فقالوا ما اعجب شأنك ساعة تقول وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً- وساعة تقول هذا- فنزلت وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ الاية وهذه الرواية تدل على ان النبي