فاخذها الرجل فنظر الى ضرب الورق ونقشها فتعجب منها ثم طرحها الى رجل من أصحابه- فنظر إليها فجعلوا يتطارحون بينهم ويقول بعضهم لبعض ان هذا أصاب كنزا خبيّبا في الأرض منذ زمان ودهر طويل- فلما راهم تمليخا يتشاورون من اجله فرق فرقا شديدا وجعل يرتعد ويظن انهم قد فطنوا به وعرفوه وانهم انما يريدون ان يذهبوا به الى ملكهم دقيانوس وجعل أناس اخر يأتونه فيتعرفونه فلا يعرفونه- فقال لهم وهو شديد الفرق منهم افضلوا علىّ قد أخذتم ورقى فامسكوها واما طعامكم فلا حاجة لى به- فقالوا من أنت يا فتى وما شأنك والله لقد وجدت كنزا من كنوز الأولين وأنت تريد ان تخفيه منا فانطلق معنا وأرنا وشاركنا فيه نخف عليك ما وجدت- فانك ان لم تفعل نأت بك الى السلطان فنسلّمك اليه فيقتلك- فلما سمع قولهم قال قد وقعت وفي كل شىء كنت احذر منه- فقالوا يا فتى انك والله لن تسطيع ان تكتم ما وجدت- فجعل تمليخا لا يدرى ما يقول لهم وما يرجع إليهم وفرق حتى ما يحير إليهم شيئا- فلما رأوه انه لا يتكلّم أخذوا كساءه فطرحوه في عنقه ثم جعلوا يقودونه في سلك المدينة حتى سمع به من فيها فسألوه ما الخبر فقيل لهم أخذ رجل عنده كنز فاجتمع اليه اهل المدينة صغيرهم وكبيرهم فجعلوا ينظرون اليه ويقولون والله ما هذا الفتى من اهل هذه المدينة وما رايناه فيها قط- فجعل تمليخا لا يعرف ما يقول لهم فلما اجتمع اليه فرق فسكت ولم يتكلم- وكان مستيقنا ان أباه واخوته بالمدينة وان حسبه بالمدينة من عظماء أهلها وانهم سيأتونه إذا سمعوا به فبينا هو قائم كالحيران ينتظر حتى يأتيه بعض اهله فيخلصه من بين أيديهم- إذا اختطفوه وانطلقوا به الى رءوس المدينة ومدبريها الذين يدبر ان أمرها- وهما رجلان صالحان اسم أحدهما اريوس والاخر اشطيوس- فلما انطلق به إليهما ظن تمليخا انه ينطلق به الى دقيانوس الجبار فجعل يلتفت يمينا وشمالا- وجعل الناس ليسخرون منه كما يسخر من المجنون- وجعل تمليخا يبكى ثم رفع رأسه الى
السماء فقال اللهم اله السماء والأرض افرغ اليوم علىّ صبرا وادلج معى روحا منك يؤيدني عند هذا الجبار وجعل يبكى- ويقول في نفسه فرّق بينى وبين إخوتي يا ليتهم يعلمون ما لقيت ولو انهم يعلمون فيأتونى فنقوم جميعا بين يدى الجبار فانّا كنا توافقنا ان لا نفترق فى حيوة ولا موت ابدا- يحدث تمليخا نفسه فيما اخبر أصحابه حين رجع إليهم حتى انتهى الى الرجلين الصالحين اريوس واشطيوس فلما راى تمليخا انه لا يذهب به الى دقيانوس أفاق وذهب عنه البكاء- فاخذ اريوس واشطيوس الورق فنظرا إليها وعجبا منها ثم قال له أحدهما اين الكنز الذي وجدت