فانّه له معيشة ضنكا قال عذاب القبر- قال ابو سعيد يضغط حتى يختلف أضلاعه- وفي بعض المسانيد مرفوعا يلتأم عليه القبر حتى يختلف أضلاعه فلا يزال يعذب حتى يبعث- وهو في سنن الترمذي من حديث ابى هريرة وقال الحسن هو الزقوم والزريع والغسلين في النار- وقال عكرمة هو الحرام وقال الضحاك الكسب الخبيث- وعن ابن عباس قال الشقاء- قلت وانما اطلق الضنك على الحرام والكسب الخبيث والشقاء لكونها مفضية الى ضيق المقام في القبر او النار قال الله تعالى في اهل النار إِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ- وروى عن ابن عباس انه قال كل مال اعطى العبد قل او كثر فلم يتق فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة وان قوما اعرضوا عن الحق وكانوا اولى سعة من الدنيا مكثّرين فكانت معيشتهم ضنكا وذلك انهم يرون الله ليس بمخلف عليهم معائشهم من سوء ظنهم بالله عزّ وجلّ- وقال سعيد بن جبير معناه نسلبه القناعة حتى لا يشبع- وحاصل هذين القولين ان من اعرض عن ذكر الله كان مجامعا همه ومطامح نظره الى اعراض الدنيا متهالكا على ازديادها خائفا على انتقاصها- بخلاف المؤمن الطالب للاخرة فانه قانع على ما أعطاه الله شاكر عليه متوكل على الله فتكون حياته في الدنيا طيبة- قلت وعلى هذا التأويل ليس المراد بمن اعرض عن ذكر الله الكافر المعرض عن الايمان بل المعرض عن الإكثار ذكر الله فان عامة المؤمنين منهمكون في طلب الدنيا خائفون على انتقاصها فمن اعرض عن إكثار ذكر الله وجعل همته في اعراض الدنيا اظلم عليه وقته وتشويش عليه رزقه- فان قيل ان كان تعب الرجل في دار الدنيا معيشة ضنكا- فذلك غير مختص بالكفار والفساق بل موجود في الأنبياء والصلحاء أشد البلاء- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالامثل يبتلى الرجل على حسب دينه- فان كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان في دينه رقة ابتلى على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة- رواه احمد والبخاري في الصحيح والترمذي وابن ماجة عن سعد والطبراني عن اخت حذيفة نحوه والبخاري في التاريخ عن ازواج النبي صلى الله عليه وسلم بسند حسن بلفظ أشد الناس بلاء في الدنيا نبىّ او صفى- قلت الجواب عندى بوجهين أحدهما انه ليس المراد بالآية ان ضيق المعيشة مختص بالكفار بل هذه الاية نظيرة