عن قومه العذاب بعد ما وعدهم وكره ان يكون بين قوم جرّبوا عليه الخلف فيما وعدهم واستحياء منهم ولم يعلم السبب الّذي به رفع العذاب عنهم- وكان غضب من ظهور خلف وعده وان يسمى كذّابا لا كراهية لحكم الله عزّ وجل- وفي بعض الاخبار انه كان من عادة قومه ان يقتلوا من جربوا عليه الكذب فخشى ان يقتلوه لما لم يأتهم العذاب للميعاد فغضب- والمغاضبة هاهنا من المفاعلة الّتي تكون من واحد كالمسافرة والمعاقبة فمعنى قوله مغاضبا اى غضبان وقال الحسن انما غاضب ربّه من أجل انه امره بالمصير الى قوم لينذرهم بأسه ويدعوهم اليه فسال ربه ان ينظره ليتاهب للشخوص إليهم فقيل له ان الأمر اسرع من ذلك حتى سال ربه ان ينظره الى ان يأخذ فعلا يلبسها فلم ينظر وكان في خلقه ضيق فذهب مغاضبا- عن ابن عباس قال اتى جبرئيل عليه السلام يونس عليه السلام فقال انطلق الى اهل نينوى فانذرهم- قال التمس دابة قال الأمر اعجل من ذلك- فعضب فانطلق الى السفينة- وقال وهب ان يونس بن متى كان عبدا صالحا وكان في خلقه ضيق فلما حمل عليه أثقال النبوة تفسح تحتها تفسح الزبع تحت الحمل الثقيل يقذفها بين يديه وخرج هاربا منها- فلذلك أخرجه الله من اولى العزم فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم فاصبركما صبرا ولو لعزم من الرّسل وقال ولا تكن كصاحب الحوت فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ قرأ، يعقوب بضم الياء وفتح الدال على البنا للمفعول والباقون بفتح «١» الياء وكسر الدال على البناء للفاعل ومعنى الاية ظن يونس ان لن نضيق عليه الحبس نظيره قوله تعالى اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ اى يضيق كذا قال عطاء وكثير من العلماء- اولن نقضى عليه بالعقوبة من القدر بمعنى القضاء كذا قال مجاهد والضحاك والكلبي وهو رواية العوفى عن ابن عباس يقال قدر الله تقديرا وقدر قدرا بمعنى واحد قال الله تعالى نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ قرا ابن كثير بتخفيف الدال والباقون بالتشديد ومعناهما واحد- ويؤيد هذا التأويل قراأة عمر بن عبد العزيز والزهري بالتشديد وقيل معناه ظن ان لن نعمل فيه قدرتنا- وقيل هذا تمثيل الحالة بحال من ظن ان لن نقدر عليه في مراغمة قومه من غير انتظار لامرنا- وقال ابن زيد هو استفهام للانكار
(١) والصحيح والباقون بنون العظمة المفتوحة وكسر الدال على البناء للفاعل- ابو محمد عفا عنه.