بالجهاد الأكبر الجهاد مع النفس واخرج البيهقي في الزهد عن جابر رضى الله عنه قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم غزاة فقال قد متم خير مقدم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر- قيل وما الجهاد الأكبر قال مجاهدة العبد لهواه قال البيهقي هذا اسناد فيه ضعف- قلت ليس المراد بالجهاد في هذه الاية المحاربة مع الكفار خاصة لانه يأبى عنه سياق الآية لان في نسق الاية ارتقاء من الأخص الى الأعم في كل عطف حيث ذكر الصلاة اولا بقوله ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا لكونها أهم العبادات ثم عطف عليه واعبدوا ربّكم وهو يشتمل العبادات كلها الصّلوة وغيرها ثم قال وافعلوا الخير وهو يشتمل أداء حقوق الله تعالى كلها من العبادات والعقوبات وغيرها ومحاربة الكفار وأداء حقوق الناس ومكارم الأخلاق وغير ذلك وإتيان السنن والمستحيات كلها- ثم قال وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ فلا وجه لحمله على محاربة الكفار خاصة بل المراد منه الإخلاص في الأقوال والأعمال والأحوال كلها ويحصل ذلك بالجهاد مع النفس ومخالفة الهوى- فان الإخلاص انما يحصل بصفاء القلب وفناء النفس- وهما بالجهاد مع النفس الامارة بالسوء ومخالفة الهوى مع اقتباس أنوار النبوة وذلك في اصطلاح القوم يعبّر بالسلوك والجذب- وذلك الإخلاص هو المعنى من اقوال أوائل المفسرين المذكورة فان الصوفي إذا صار من المخلصين بعد فناء النفس وصفاء القلب لا يخاف في الله لومة لائم ويعبد الله حق عبادته بلا رياء وسمعة ينية خالصة لله عزّ وجلّ ويطيع الله ولا يعصيه ولا شك ان ذلك هو الجهاد الأكبر- واما الجهاد الأصغر يعنى المحاربة مع الكفار فهو صورة الجهاد ولا يعتدبه ولا بشيء من العبادات ما لم يكن خالصا لوجه الله- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها «١» او امراة ينكحها فهجرته الى ما
(١) وفي الأصل الى الدنيا ليصبها إلخ الفقير الدهلوي.