اى انشأنا خلقا اخر- قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وعكرمة والضحاك وابو العالية هو نفخ الروح فيه- قلت لعل المراد بالروح في قولهم هو الروح السفلى المسمى بالروح الحيواني وبالنفس الّتي هى مركب للروح العلوي الّذي هو من عالم الأرواح ومقره فوق العرش في النظر الكشفى وليس هو بمكاني- والنفس هى البخار المنبعث من العناصر المصور على هيئة الجسم وهو جسم لطيف سار في الجسم الكثيف وعلى هذا يصح إرجاع ضمير انشأناه الى السلالة- بخلاف ما إذا كان المراد به الروح العلوي فانه غير ماخوذ من السلالة- وايضا كلمة ثم تدل على ذلك فان خلق الأرواح العلوية قبل خلق الأبدان فان الأبدان لم تكن موجودة حين أخذ الله الميثاق من الأرواح- واما نفخ الروح فهو صفة من صفاته تعالى قال الله تعالى وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي- وان كان تاخره من تكسية العظام صادق باعتبار تأخر تعلق الصفة القديمة- اللهم الا ان يقال المراد بالانشاء نفخ الروح لا خلق الروح والله اعلم عن ابن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ان خلق أحدكم يجمع في بطن امه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله اليه ملكا بأربع كلمات فيكتب عمله واجله ورزقه وشقى او سعيد ثم ينفخ فيه الروح- فو الّذي لا اله غيره ان أحدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الاذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار- وان أحدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الاذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة- متفق عليه فان قيل ورد في الحديث تحويلات خلق الإنسان بكلمة ثم وهى تدل على التراخي وفي كتاب الله بكلمة الفاء وهى للتعقيب فما وجه التطبيق بينهما- قلت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين كل تحويل أربعين يوما وذلك زمان طويل يقتضى العطف بكلمة ثم لكن الله سبحانه أورد كلمة الفاء للدلالة على ان تلك المدة الطويلة وهى أربعون يوما قصيرة جدّا نظرا الى ما يقتضى تفاوت كل طور منها الى طور اخر- واما إيراد كلمة