للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتاهم بخمر فشربوا وسكروا فحضرت صلوة المغرب فقدّموا بعضهم ليصلى بهم فقرا (قل يا ايّها الكافرون اعبد ما تعبدون) هكذا الى اخر السورة بحذف لا فانزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سكارى الاية فحرم السكر في اوقات الصلاة فتركها قوم وقالوا لا خير في شىء يحول بيننا وبين الصلاة وشربها قوم في غير اوقات الصلاة كان الرجل يشرب بعد صلوة العشاء فيصبح وقد زال عنه السكر او بعد صلوة الصبح فيصحوا الى وقت الظهر واتخذ عتبان بن مالك صيفا ودعا رجالا من المسلمين فيهم سعد بن ابى وقاص وكان قد شوى لهم رأس بعير فاكلوا منه وشربوا الخمر حتى سكروا منها ثم انهم افتخروا عند ذلك وانتسبوا وتناشدوا الاشعار وانشد سعد قصيدة فيها هجاء الأنصار وفخر لقومه فاخذ رجل من الأنصار لحيى بعير فضرب به رأس سعد فشجّه موضحة فانطلق سعد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا اليه الأنصاري فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا- فنزلت ما في المائدة والله اعلم.

اختلف العلماء في ان الخمر ما هو فقال ابو حنيفة رحمه الله هو التي من ماء العنب إذا صار مسكر او قذف بالزبد ولم يشترط صاحباه القذف بالزبد- وقال مالك والشافعي واحمد كل شراب أسكر كثيره فهو خمر- قالت الحنفية الخمر اسم خاص لما ذكرنا وهو المعروف عند اهل اللغة ولهذا اشتهر استعماله فيه واشتهر في غيرها مما ذكرنا من المسكرات اسم اخر كالمثلث- والطلا- والمنصف- والباذق- ونحو ذلك واللغة لا يجرى فيها القياس- وقال الجمهور اسم الخمر لغة لكل ما خامر العقل- والتحقيق عندى ان الخمر لفظ مشترك بين الخاص والعام اما حقيقة واما بعموم المجاز والمراد في الاية هو المعنى الأعم- قال صاحب القاموس الخمر ما أسكر من عصير العنب او عام والعموم أصح- وقال ابن عمر حرمت الخمر وما بالمدينة منها شىء رواه البخاري وحديث انس كنت ساقى القوم يوم حرمت الخمر وما شرابهم الا الفضيح البسر والتمر- متفق عليه وفي رواية- انى لقائم أسقي أبا طلحة فلانا فلانا وسمى في بعض الروايات أبا عبيدة بن الجراح وابى بن كعب وسهيلا «١» إذ جاء رجل فقال قد حرمت الخمر فقالوا أهرق هذا القلال يا انس قال فما سالوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل- وعنه قال لقد حرمت الخمر حين حرمت وما نجد خمر الأعناب الا قليلا وعامة خمرنا اليسر والتمر- فهذه الآثار تدل على ما ذكرت ان الخمر قد يستعمل فى المعنى الأخص لكن المراد بالآية هو المعنى الأعم ولو بالمجاز وان كان المراد بالخمر في الاية المعنى


(١) فى الأصل سهيل

<<  <  ج: ص:  >  >>