للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعنى خلق الله خلقه في ظلمة اى جهل وضلال ناش من العدم الذاتي الكائن في مبادى تعيناتهم فالقى عليهم من نوره اى من النور الّذي اقتبس الظلال من الصفات فمن أصابه ذلك النور اهتدى ومن اخطأه ضل وطريق الاصابة ان يقتبس ذلك النور ممن بعثه الله رحمة للعالمين وشرح صدره وملأ قلبه نورا وحكمة وايمانا ويجعل قلبه مرءاة لقلبه عليه السّلام فيتنور قلبه بقدر الاقتباس والاقتفاء فمنهم من اكتسب صورة الايمان ونجا من الكفر في الدنيا والنيران في الاخرة ومنهم من اكتسب حقيقة الايمان على تفاوت الدرجات ومنهم من لم يقتبس أصلا فاخطأه النور وضلّ- عن ابى عنبسة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لله تعالى آنية من اهل الأرض وانية ربكم قلوب عباد الله الصالحين واحبّها اليه ألينها وأرقها- رواه الطبراني وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ يعنى يبين في القران للامور الّتي لا سبيل للحواس إليها بالأمثال المحسوسة ليحصل للناس بها علم ويزداد وضوحا- وجاز ان يكون معنى الاية ان الله يرى أولياءه في عالم المثال أمثالا لما لا مثل له حتى يتبين لهم الحق- وذلك ان القرب الى الله سبحانه ثابت بالكتاب والسنة لا يزال العبد يتقرب اليه بالنوافل لكن ذلك القرب امر غير متكيف لا يمكن دركه بالحواس ولا بالعقل ولا يتعلق به علم حصولى ولا حضورى ولكن يدرك بعلم مفاض من الله تعالى سوى ما ذكر وهو المكنى بقوله حتى كنت سمعه الّذي يسمع به- وجعل الله تعالى لدركه وجها اخر وهو ان الأمور الّتي لا مثل لها يتمثل في عالم المثال بصورة الأجسام فيرى الصوفي في عالم المثال دائرة للظلال ودائرة للصفات ونحو ذلك- وكلّما يتقرب العبد الى الله بالنوافل والانابة والاجتباء يرى الصوفي نفسه سائرا الى دائرة الظلال حتى يصلها

ويضمحل فيها ويتلون بلونها- ثم يرى نفسه سائرا الى الصفات حتى يصلها ويضمحل فيها ويتلون بلونها- وذكر التلون انما هو لقصور العبارة والّا فلا لون هناك قال الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>