للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنظر يمينا وشمالا فراى بستانا لبلقيس فسال الى الخضرة فوقع فيه فاذا هو بهدهد فهبط اليه وكان اسم هدهد سليمان يعفور واسم هدهد اليمن عنفير فقال عنفير اليمن ليعفور سليمان من اين أقبلت واين تريد قال أقبلت من الشام مع صاحبى سليمان بن داود فقال من سليمان قال ملك الجن والانس والشياطين والطير والوحوش والرياح فمن اين أنت قال من هذه البلاد قال ومن ملكها قال امراة يقال لها بلقيس وان لصاحبكم ملكا عظيما ولكن ليس ملك بلقيس دونه ملكة اليمن كلها وتحت يدها اثنى عشر الف قائد تحت يد كل قائد مائة الف مقاتل فهل منطلق معى حتى تنظر الى ملكها قال أخاف ان تفقدنى سليمان فى وقت الصلاة إذا احتاج الى الماء قال الهدهد اليماني ان صاحبك يسره ان تأتيه بخير هذه الملكة فانطلق معه ونظر الى بلقيس وملكها وما رجع الى سليمان الا وقت العصر قال فلمّا نزل سليمان ودخل عليه وقت الصلاة وكان نزل على غير الماء فسال الجن والانس والشياطين عن الماء فلم يعلموا فتفقّد الطير ففقد الهدهد فدعا عريف الطير وهو النسر فساله عن الهدهد فقال أصلح الله الملك انا لا أدرى اين هو وما أرسلته فغضب عند ذلك ثم قال لاعذّبنّه عذابا شديدا او لاذبحنّه او لياتينّى بسلطان مبين ثم دعا العقاب سيد الطير فقال علىّ بالهدهد الساعة فرفع العقاب دون السماء حتى التزق بالهواء فنظر الى الدنيا كالقصعة بين يدى أحدكم ثم التفت يمينا وشمالا فاذا هو بالهدهد مقبلا من نحو اليمن فانقض العقاب نحوه يريده فلما راى الهدهد ذلك علم ان العقاب يقصده بسوء فناشده الله الذي قواك وأقدرك علىّ الا رحمتنى ولم تتعرض لى بسوء قال قولى عنه العقاب فقال له ويلك ثكلتك أمك ان نبى الله قد حلف ان يعذبك او يذبحك ثم طارا متوجهين نحو سليمان فلمّا انتهيا الى العسكر تلقاه المنسر والطير فقالوا له ويلك اين غبت فى يومك هذا لقد توعدك نبى الله وأخبره بما قال فقال الهدهد ما استثنى رسول الله قالوا بلى قال او ليايتينّى بسلطان مبين قال فنجوت إذا ثمّ طار العقاب والهدهد حتى أتيا سليمان وكان قاعدا على كرسيه فقال العقاب قد أتيتك به يا نبى الله فلما راه الهدهد رفع راسه وارخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الأرض تواضعا لسليمان فلما دنى منه أخذ برأسه فمده اليه فقال له اين كنت لا عذبنك عذابا شديدا فقال الهدهد اذكر وقوفك بين يدى الله عزّ وجلّ فلمّا سمع سليمان ذلك ارتعد وعفا عنه ثم ساله فقال ما الّذى ابطاك عنى فَقالَ الهدهد عطف على محذوف تقديره فانى فقال أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ الإحاطة العلم بالشيء من جميع جهاته واستعماله فى غير علم الله سبحانه اما بطريق المجاز او المبالغة والمعنى علمت مستيقنا ما لم تعلم وفى مخاطبته إياه بذلك تنبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>